سياسة تمكين المحتوى المحلي
مصطفى بن مبارك القاسمي
إنَّ سياسة تمكين المحتوى المحلي هي رؤية سامية نحو تعزيز المشاريع الصغيرة والمتوسطة والتي تأتي في ظل القيادة الحكيمة والرؤية الثاقبة لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه – التي تواصل سلطنة عُمان من خلالها مسيرتها الحثيثة نحو تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة والمستدامة. ترتكز هذه الجهود على دعم الصناعات الوطنية، وتحفيز دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتمكين رواد الأعمال ليكونوا المحرك الأساسي لعجلة الاقتصاد الوطني.
هذا التوجه الوطني برز جليًا خلال الاجتماع الذي ترأسه جلالته- حفظه الله ورعاه- لمجلس الوزراء الموقر يوم أمس بقصر البركة العامر،
حيث أكد جلالته – أعزه الله – على أهمية سياسة المحتوى المحلي كأداة استراتيجية لدفع عجلة النمو الاقتصادي وتعزيز التنمية الوطنية. كما شدد جلالته – حفظهُ اللهُ ورعاهُ – على ضرورة تكثيف الجهود لمتابعة تنفيذ هذه السياسة بما يحقق تعزيز الصناعات العمانية، وتشجيع إقامة المشاريع المحلية، وتقليل الاعتماد على الواردات، وزيادة الصادرات، بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق تطلعات التنمية المستدامة.
وتأتي هذه التوجيهات السامية في وقت حيوي تسعى فيه سلطنة عُمان لتحقيق أهداف رؤية عُمان 2040 التي تهدف إلى بناء اقتصاد متنوع ومستدام. إن التركيز على سياسة التمكين المحلي يعكس التزام القيادة الحكيمة بتعزيز القطاعات الإنتاجية ورفع القيمة المضافة للاقتصاد الوطني، مع خلق بيئة اقتصادية مستدامة قادرة على التكيف مع التحديات الإقليمية والعالمية.
وفي هذا السياق تناول المقال لنا والمنشور سابقا حول “تمكين المحتوى المحلي” عن أهمية هذه السياسة باعتبارها نهجًا استراتيجيًا لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتعزيز دور رواد الأعمال. تمثل هذه السياسة خطوة جوهرية نحو بناء بيئة اقتصادية مستدامة توفر فرصًا للنمو والتوسع في مختلف القطاعات.
ان المشاريع الصغيرة والمتوسطة تمثل العمود الفقري للاقتصاد المحلي وأحد أبرز المستفيدين من سياسة التمكين المحلي. تسهم التوجيهات السامية لجلالة السلطان – حفظه الله ورعاه – في فتح آفاق واسعة لهذه المشاريع من خلال تعزيز دمجها في سلاسل التوريد المحلية؛ مما يمنحها القدرة على المنافسة على المستويين المحلي والإقليمي.
كما أن هذه السياسة تشجع على استخدام الموارد المحلية بشكل أكبر، بهدف تقليل الاعتماد على الواردات وزيادة الإنتاج الوطني. الدعم الحكومي المستمر الذي توفره القيادة الرشيدة لهذه المشاريع يعزز من بيئة عملها؛ مما يسهم بشكل مباشر في تحقيق التنمية الاقتصادية وخلق فرص عمل جديدة للشباب العماني الطموح. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه السياسة توفر فرصًا للتوسع والتطوير من خلال شراكات فاعلة بين القطاعين العام والخاص، مما يسهم في تحقيق أهداف النمو المستدام.
ان سياسة التمكين المحلي تلعب أيضًا دورًا محوريًا في دعم رواد الأعمال، حيث توفر لهم بيئة ملائمة للاستفادة من الموارد المحلية وإطلاق مشاريع مبتكرة تلبي احتياجات السوق المحلي وتنافس على المستوى الدولي. تعزيز الشراكات الاقتصادية والتجارية، الذي أشار إليه جلالة السلطان – حفظه الله ورعاه -، يشكل فرصة ذهبية لرواد الأعمال لتوسيع نطاق أعمالهم وتحقيق نجاح مستدام. من خلال هذه السياسة، يتم تمكين رواد الأعمال من إقامة مشاريع قائمة على الابتكار والإبداع، مما يسهم في تعزيز تنافسية السلطنة وتحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة.
إن التوجيهات السامية لمولانا حضرة صاحب الجلالة – حفظهُ اللهُ ورعاهُ – تؤكد أن سياسة تمكين المحتوى المحلي ليست مجرد خطة اقتصادية، بل هي رؤية متكاملة تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة من خلال تعزيز التكامل بين جميع القطاعات. هذه السياسة تسهم في تعزيز الصناعات المحلية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وخلق بيئة اقتصادية آمنة ومستدامة، ورفع تنافسية السلطنة على المستوى الإقليمي والدولي. كما أنها تلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز الأمن الاقتصادي والاجتماعي من خلال توفير فرص عمل جديدة وتحفيز الابتكار في مختلف المجالات.
وفي الختام إن سياسة تمكين المحتوى المحلي، التي أكد عليها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه -، تعد خارطة طريق استراتيجية لتحقيق تطلعات السلطنة الاقتصادية والتنموية. هذه السياسة تمثل دعوة لجميع الأطراف من حكومة وقطاع خاص ورواد أعمال ومجتمع للعمل معًا لتحقيق الأهداف الوطنية. من خلال هذه الرؤية السامية؛ تمضي سلطنة عُمان بخطى واثقة نحو مستقبل اقتصادي مشرق وفق أهداف وأولويات رؤية عمان 2040، والتي تحمل في في طياتها فرصًا واعدة للجميع، وفي تعزيز مكانة السلطنة كواحدة من الدول الرائدة في تحقيق التنمية المستدامة.