2024
Adsense
الخواطر

الأثر الطيب عبقٌ لا يزول

  عائشة بنت هاشل البارحية

في زحمة الأيام وضجيج الحياة، حيث تتسارع الخطوات وتتداخل الأصوات، هناك أفعال خفية تنبض بالمعاني السامية، أفعالٌ لا تُدوَّن في سجلات الزمن، لكنها تتسلل إلى القلوب، فتترك فيها أثرًا خالدًا لا تمحوه الليالي ولا تغسله السنين.

الأثر الطيب، ذلك العبير الذي يتناثر في فضاء العلاقات الإنسانية، لا يُقاس بحجم الفعل ولا بمدى الجهد المبذول، بل بنقاء النوايا وصدق المشاعر.

هي ابتسامةٌ تُهدى بلا ثمن، وكلمةٌ تنساب بلطف فتُحيي في القلب حياة، وموقفٌ عابر يعيد إلى الروح يقينها بأن الخير ما زال ينبض في عروق البشر.

إنها تلك اللحظات التي لا تخضع لحسابات العقل، حين يُسارع أحدهم لمد يد العون دون أن يُسأل، أو حين يغرس آخر كلمة طيبة في قلب أثقلته الهموم. هؤلاء لا يعرفون أسماء من أثّروا فيهم، ولا يطلبون عرفانًا أو شكرًا، لكن بصماتهم تبقى، كأثر الرياح على الرمال، لا يُمحى مهما تبدلت الأيام.

ذلك الفعل الذي لا يُورّث بالمال ولا يُكتسب بالمناصب، بل هو رقي النفس وسخاء الروح.

إنه اختيار دائم للسير في طريق الرحمة، أن تُقابل القسوة بالحلم، والخذلان بالإحسان، وأن تكون للآخرين نورًا يُبدد ظلماتهم.

هو قرارٌ بأن تُعطي بلا انتظار، وأن تُحسن بلا تردد، وأن تتحدث بحب حتى وإن صمت الجميع.

وفي زمنٍ تبدو فيه المادية طاغيةً على القيم، يظل الأثر الطيب سفيرًا للإنسانية ،كل ابتسامة تُهديها قد تكون قارب نجاة لشخص يغرق في بحر الوحدة، وكل كلمة طيبة قد تُعيد لآخر ثقته المفقودة.

لا أحد يعلم حجم الأثر الذي يتركه، لكن يكفي أن تكون تلك الأفعال شجرة وارفة يستظل تحتها من أرهقتهم حرارة الحياة.

فلنكن جميعًا صناعًا لذلك الأثر؛ لنترك خلفنا عبقًا يستدل به المارّون علينا يومًا،

ففي نهاية المطاف، ليس ما نمتلكه أو ما نحققه هو ما يُخلد ذكراه، بل ما نتركه في قلوب الآخرين، طيب الأثر الذي يبقى شاهدًا على جمال أرواحنا.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights