الخميس: 17 أبريل 2025م - العدد رقم 2523
Adsense
مقالات صحفية

تهاني العيد وتصحر النفوس

عبدالله بن حمد الغافري
Alssedq@hotmail.com

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

مما لا شك أنّ من نعم الله العظيمة علينا هي نعمة العيدين الذين شرعهما الله سبحانه وتعالى لنا؛ يومان يتعاقبان كل عام هجري يحرم فيهما الصيام ويشرع فيهما إظهار الزينة وإبداء أثر النعمة على العبد، كما يجب فيهما مشاركة الفقير والمسكين بما يتيسر من الصدقة والإكرام والإعفاء؛ حتى تكمل فرحة الأمة وسعادة المجتمع الإسلامي الكريم بالرحمة والشقفة وإظهار النعمة كما يسعد المجتمع بإظهار الهيبة ووحدة الأمة وترابطها من خلال التفاف المسلمين جميعاً، واجتماعهم الحميم لأداء صلاة العيد التي تعد سنة مؤكدة تجب على عموم الأمة ويأثم الجميع إن لم يصليها أحد منهم..!!

من كرم الله تعالى علينا ورحمته بنا أن جعل هذين العيدين مقترنين بشعيرتين عظيمتين من أركان الإسلام ألا وهما: صيام رمضان المبارك، وحج بيت الله الحرام؛ فبفرح المسلمين بجائزة الصيام يبادرهم عيد الفطر السعيد وقد خرجوا برضوان الله في أداء ركن الصيام..
في عيد الأضحى المبارك يفرح المسلمون بيوم الحج الأكبر يوم الأضاحي التي ينال المولى بها منا التقوى بعد يوم عرفة المعظم الذي يباهي الله تعالى فيه ملائكته بعباده الشُّعث الذين جاءوا من كل فج عميق ملبين دعوة أبينا إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام..
يشاركهم المسلمون في كل بقاع الدنيا بإهراق دم الأضاحي الذي يقع عند الله لعباده في أمر عظيم قبل أن يقع على الأرض!!

من لوازم فرحة العيدين أن يتبادل المسلمون فيما بينهم تهاني العيد، وإظهار الفرحة والسعادة والسرور، وإظهار الامتنان إلى الله تعالى أن عاد العيد علينا بين أهلينا وأقاربنا وأحبتنا ونحن نرفل بثوب العافية وننعم بشتى ألوان النعم التي لا تعد ولا تحصى!؛ لذلك كان لزاما على النفوس ان تتواصل بالبهجة والفرح والدعوات المتبادلة بحمد الله تعالى وشكره وتمني أن يعود العيد على الجميع بالخير والسعادة والعافية والصحة والعمر المديد، وكم في هذه التهاني من أجور! وكم في هذه الدعوات من ثواب!.

إلا أنه تلاحظ لدينا في الآونة الأخيرة تصحّر بعض النفوس عن مجرد إرسال رسالة تهنئة ليس لأصدقائه وحسب بل حتى لأقاربه من الإخوة والأعمام والأخوال رغم تيسّر هذا الأمر وربما يكون لدى البعض منهم خدمة مجانية لا محدودة مدفوعة مسبقا سواء كان رصيد للاتصال أورصيد للمرسال!!

لكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا تتصحر النفوس عن مجرد إرسال رسالة معايدة ناهيك عن الاتصال من رصيد مجاني أو مدفوع التكلفة مسبقا سواء أكان استهلكته أم لم تستهلكه فإنه سيتم سحبه بعد نهاية الشهر أو انتهاء المدة المحددة مسبقا!!

لا شك أن هناك أسباباً قد نجدها عذراً للبعض مثل الاشتغال بأمور العيد والأضاحي وأكل اللحوم.. ومنها ما قد يكون هموم ومشاغل تشغل الشخص وربما ظروف معينة.. ورغم ذلك فهناك وقت طويل والأحاسيس يجب أن تحدث صاحبها.

لكن لا بد من الإشارة إلى أمور قد يزينها الشيطان للبعض مما يجعله يعرض عن معايدة أهله أو أقاربه أو أصدقائه ومنها:
1. الشعور بالاستقلالية وانه لم يعد بحاجة إلى أحد! لكن نسي هذا أن الدنيا دار حاجة وأنه لا غنى فيها عن القرابات والأصحاب.
٢. الغرور لدى البعض _أكرمكم الله _ وأنه فوق الآخرين فلماذا يعايد من دونه!؟
٣. البعض يعبر عنهم شبابياً بأن (أموره طيبة) اي لديه راتب يستلمه ووظيفة وعنده سيارة و.. و.. سبحان الله لكن هذه نعم تستوجب الشكر والتواضع وليس الغرور.
٤. البعض يعيش بمبدأ (طنش تعش)! فهو لا يبالي بغيره ولا يلتفت إلى قريب أو بعيد ولا يعرف صديق ولا عضيد كان عوناً له في يوم ما !.

٥. انحسار وازع الإيمان في قلوب البعض ولم يعد لثواب صلة القربى أثر في قلبه.. لذلك يمارس القطيعة المحرمة من حيث يدري أو لا يدري وقد قال جل جلاله : (فَهَلۡ عَسَیۡتُمۡ إِن تَوَلَّیۡتُمۡ أَن تُفۡسِدُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ وَتُقَطِّعُوۤا۟ أَرۡحَامَكُمۡ ۝ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ ٱلَّذِینَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمۡ وَأَعۡمَىٰۤ أَبۡصَـٰرَهُمۡ)
[سورة محمد 22 – 23] فيدخل هذا المسكين في نفق قطيعة الرحم وما فيها من عقوبة وهو لا يعلم!
إن تصحر النفوس وانقباضها وجدبها الموحش لا بد له من غيث وابل أو طل هاطل أو خريف رذاذ تعشب به هذه النفوس اخضراراً كي تينع أزهاراً ومروجاً تفوح بشذى الإيمان وتزهر بأغصان ثمارها المودة والإخاء، وليس مجرد علاقات مادية جافة لا تعرف لحقوق الله طريقاً ولا لبناء المجتمع درباً..

كما يرغب الجميع زيارة الأرض الخضراء والابتهاج بحدائقها الغناء فكذلك حال ذوي النفوس الطيبة واجبها تجاه ذاتها ومع من حولها، ينبغي ان تبتهج وأن تستشعر معنى الحياة البهيجة بسرور التواصل ولحمة التراحم وفيوض المد الرباني للمتواصلين في الله جل في علاه.. الحمد لله رب العالمين.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights