لا تَكْبر ..
زوينة بنت بطي اليعقوبية
عرفت اليوم يا أمي لماذا قلتِ لا تكبر؟
فمن يكبر تموت بعينه الأشياء
يموت الحب في العينين
تموت مشاعر تصغر
صغيراً كنت يا أمي أناملي تمتطي الدفتر
و مسطرتي ومحبرتي تسامرني.. غداً تكبر
ألاعب قطة الدار
وحين تغفين يا أمي أغافلك..
فأسرق علبة السكر
و لا أنسى حين قطفت زهر حديقة الدار
توعدت…
فنمت بحسرة أكبر
نعم نكبر
وما من شيء هنا يكبر
سوى الهم…
سوى الكدر
لماذا يسكن الوجع بحجم الكون أو يكبر؟
لماذا الشمس لا تظهر؟؟
لماذا يطبق الليل على صدري كوحش ضاري يزأر؟
وحين أردت أن أبكي أخفف حمل ما أجد فقد قالوا ألم تكبر؟
تصيح كما الأطفال في المهد.. ألم تكبر؟!!
وحين تعبت يا أمي وأرخيت حِمْل الهم من كتفي
قالوا إن الرجال لا تتعب
ألا ننهك ألا نغضب؟!
كبرت اليوم يا أمي…
ولكن كل مشاعري تصغر
وجئت اليوم يا أمي أفتش عنك…
عن دكان حارتنا…
عن الزيتون.. عن الرمان..
عن نخيلات الدار..
لم أجد أحداً
فناديت.. وناديت..
بعلو الصوت أيا أمي… أيا أمي
فلم أجد إلا أحاديث مكتمة….
حكايات مصفدة… زغاريد مكبلة كأن ببابها العكسر
ولا شيء يعكرني ويفزعني سوى دهليز جدتنا ببابه الأخضر
فكم قالوا… وكم قالوا عفاريت تبيت هناك تظهر حينما نسهر
ويرتد صدى الأصوات من زمن..
حين سمعتك تقولين: بني غداً تكبر
وكل الصعاب بلطف الله هينة فلا تفتر ولا تضجر
سمعتك يوماً تقولين: بذور القمح يا ولدي لا تطيش تحت أحجار الرحى.. لا تكبر.. لكنها تصغر
وهأنذا اليوم يا أمي كل شيء فيّ ما زال كما ….
عرفت اليوم يا أمي لماذا قلتِ لا تكبر؟