لم شمل الأسرة.. رسالة حب ووئام
جمال بن سالم المعولي
في عالمنا المتسارع والمعقد، يبقى كيان الأسرة واحداً من أعظم النعم التي منَّ الله بها علينا؛ فالأسرة هي الملاذ الآمن والأرض الخصبة التي تنمو فيها القيم والمبادئ، ولكن في بعض الأحيان قد تتعرض هذه الأرض لهزات تجعل من الصعب الحفاظ على تماسكها وقوتها، وهنا تأتي أهمية لم شمل الأسرة والعمل بجد لمنع انهيارها، بدلاً من السكوت حتى تصل الأمور إلى مرحلة يصعب إصلاحها.
إن السعي للحفاظ على وحدة الأسرة يبدأ بالحب والاهتمام، وإعطاء الأولوية للعلاقات العائلية على كل ما دونها؛ فيجب أن نعمل على حل المشاكل وتجاوز الخلافات بحكمة وتعقل، وألا ندع الأمور تتفاقم حتى تصل إلى نقطة اللاعودة، ففي السكوت عن المشكلات وعدم مواجهتها يؤدي إلى تراكم الأزمات؛ مما يجعل من الصعب إصلاح العلاقات بعد هلاكها.
ولنا من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية بمثابة دليل في هذا السياق، ولقد قال الله تعالى في سورة الحجرات: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}- (الآية 10)، وكما حثنا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على إصلاح ذات البين، حيث قال: “ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا بلى، قال: إصلاح ذات البين”. (رواه البخاري).
وفي بعض الأحيان، تجد أشخاصاً ينسبون لأنفسهم أعمالاً لم يقوموا بها، ويستغلون جهد الآخرين لتحقيق مكاسب شخصية؛ هؤلاء الأشخاص يكشفون عن نواياهم الأنانية عندما يسعون لتحقيق المجد الشخصي على حساب الحقيقة والأمانة.
ومن المهم أن ندرك أن للبيوت أسراراً يجب أن تظل محفوظة ولا يطلع عليها أحد؛ وإن إشهار هذه الأسرار قد يؤدي إلى تفكك العلاقات وزيادة التوتر داخل الأسرة؛ ولهذا يجب أن نحرص على حماية خصوصيتنا وخصوصية أسرنا.
فعندما تنكشف الأقنعة، يجب أن نبقى صامدين ومتمسكين بقيمنا وأخلاقنا، وأن نتعامل بحذر ونُعطي الثقة لمن يستحقها، ونبتعد عن مسببي الفتن، ونتذكر دائمًا أن الصدق والاحترام هما أساس أي علاقة ناجحة عائلية، وأن من يتصيدون في الماء العكر مصيرهم عقاب الله، وهو العادل الذي لا يغفل عن شيء.
وفي نهاية الكلام، تبقى الحقيقة واضحة، ويظل الصدق هو الرابط الأقوى بين القلوب، ولنتذكر دائمًا أن الله يحمينا ويدفع عنا الشرور بمنّه وكرمه.