سلطنة عُمان تحتفل بالعيد الوطني الرابع والخمسين المجيد المجيد
Adsense
مقالات صحفية

هل خلقوا من نور؟!

إسماعيل بن مسعود الراشدي
‏@ismail_alrashdi1979

سنتجاوز عمداً الحديث عن التضحيات؛ فالمآثر أعظم من أن تسرد، والمناقب أطهر من أن تذكر، ولكن هناك سؤالاً يراودني منذ بداية هذا العدوان الغاشم، والخذلان الآثم، والخيانة العظمى من الإخوة وأبناء العمومة والجيران، إلا من رحم الله.

هل هم ملائكة يمشون على الأرض؟!

لا ننفك نتابع الأحداث من خلال الإعلام الحر الشريف، و نجبر على مشاهدة بعض المقتطفات من شاشات الإعلام العبد العميل؛ لنميز الخبيث من الطيب؛ لتطالعنا تلكم المشاهد الدموية والكوارث المتوالية التي حلت بإخوتنا في فلسطين وفي غزة الصمود خاصة، أدهشني حقاً ظهور الأطفال والشيوخ والشباب بصورةٍ منافيةٍ لواقعهم المرير، فهم يبتسمون وسط الألم و الفقد والمرض والجوع، وصابرون رغم عدم وجود أية بوارق أمل بمعايير البشر الوضعية، ويُؤثرون على أنفسهم الطعام والشراب والمكان الآمن رغم ندرته، وذلك بحسب شهادة الأطباء الزائرين والمسعفين والمتطوعين في مرحلة من مراحل الحرب، فأنى لهم هذا الاطمئنان! وأنى لهم هذا الصبر والقدرة على الإيثار رغم العدم!

كم أذهلني الصمود والقوة والإصرار الذي أظهروه أمام شاشات وسائل الإعلام، والذي زودنا إحساساً بالأمل والعزة والعزيمة، وقد ظننا لوهلة أنهم في حاجة إلى دعمنا، في حين وقعت علينا الحجة لنعرف معنى الإيمان الحقيقي بالله ومن ثم الأخذ بالأسباب المتوفرة، والرضى بقضاء الله وقدره خيره وشره.

علمتنا غزة أنهم لا يخرجون بالصورة النمطية للمهاجرين المنكوبين والمتمرغين بويلات الحروب؛ بل دائماً يظهرون بصورة مهندمة ونظيفة، وبشكل لائق ومحترم، رغم كل الظروف والمحن المحيطة بهم، وهو ما يعكس نظافة العقل والبيئة، والالتزام بتعاليم الإسلام التي تحث على الجمال والنظافة، مع علمنا جميعاً أنه من المستحيل في مثل هذه الأوضاع توفير أدنى المعايير لتحقيق ذلك؛ لكنهم لا يتوقفون عن إبهارنا، فهل هم فعلاً ملائكة؟

وأختم بياني بقول لأحد الغزاويين الذين تحطم منزلهم في غزة حيث قال: “سأبني بيتي في موقعه الأصلي وسط الحطام والركام بنفس الطوب والحصى المتناثر منه جراء القصف، وسأرمم بيتي، وبيوت أهلي، ومن أراد مني المساعدة، سأبنيه لأعيش تحت ظله يوماً واحداً أو حتى ساعة واحدة، سأبنيه حتى وإن ساورني الظن بسقوط قنبلة أو إرسال مسيرة أو مرور دبابة لتدمر كل ما بنيت في ثانية، ولكنها عبثا تدمر ذكرياتي، وحقيقة النصر القادم؛ لذلك سأبقى”.

نعم، إنهم ليسوا بشراً مثلنا، فقد خلقهم الله عز وجل من طين الصبر، ومن نور الحق، وسينصرهم الله وحده، فقد نصروه في دينهم وعرضهم وتعاملهم وجهادهم وصبرهم، أما زلت تتساءل عزيزي القارئ هل هؤلاء خلقوا من نور؟!

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights