الثلاثاء: 29 أكتوبر 2024م - العدد رقم 2306
Adsense
الخواطر

إنهم صادقون ولطيفون جدا ..

  عبير بنت سيف الشبلية

  كان موعدا مدبرا بحكمة من الصديقة العزيزة، ولقد أدارت عقلي وشتت أفكاري ومشاعري بالكافيه المفتوح منذ أيام وأن الجميع منبهر وبكل حماس متلهف لحجز موعد هناك . شككت بالمبالغة وأنها مجرد هواجس مهووسة لنذهب ونسجل لقاءنا الشهري، اختارت يوما جميلا وتعمدت أن يكون صباحا حتى يكون المكان خاليا من زحمة البشر وضجيج العيون .

مليئة بالتناقضات، ماهرة تجيد حبك القصص وتنظيم المواعيد، ولكنها متأخرة كعادتها القديمة التي لم تسعَ يوما لتجديدها، وفي كل مرة أعاتبها تجيبني : بأنها مجرد عشر دقائق لا أكثر، وتعتبر من ضمن الوقت الإضافي في حالة الطوارئ،

وصلت الكافيه وكان آمنا وهادئا، وأنا أول من يفتح الباب،كأن اليوم على شرفي، وأنا أتأمل ملامح المكان بفضول، وأنا أبصم برضا وحماس وأنها تظل صاحبة الذوق الرفيع، أرسلت لها : أنا في انتظارك أحر من النار، وصلني رد سريع : ثواني وأكون معك، ابتسمت ساخرة، الوقت الإضافي ذهب مع الريح، ولقد بدأت دقيقة ثم أخرى.

وفجأة أخذني صوت قاطع من شرودي، لا أعلم فرحة الشوق والعتاب ولكني واثقة بأنها أحضان وطمأنينة تكفي دهرا .. نبضي يتراقص بخوف وقلق، أترقب الأحداث لا يهمني شيء فقط أريد أن عرف، وماذا بعد ؟

دخل الاثنان معا والسعادة تكاد تطير، وبلهفة اتخذا طاولة قريبة جدا مني وأشد وضوحا لتصلني التفاصيل، هتف بصاحبه وبلهفة : لا تخف أبدا من أن تكون وحيدا.. تبدو رائعا كما أنت ..!! سكن قليلا .. مسح دمعا تحدر على خديه ..رحت أنظر إليهما بتعجب وفضول.. بينما واصل الآخر حديثه بحنين : مثلما عرفتك دائما .. أنا أحب ضحكتك.. ولازلت أتساءل لماذا هي جميلة جدا ؟ضحك الآخر بجنون وشغف :وأنا أحب الطريقة التي تخفي بها أشياءك وكل أسرارك.. إنه ألطف شيء على الإطلاق.

وكأن هذه الكلمات تهدهدني وتريحني في حين ، بعدما أفقدني التركيز..!! التفت نحوي فجأة وقال بمرح وبساطة : إنه صاحبي ..شعرت بالخجل.. توترت ..فأنا لم أقصد التنصت أو التلصص على الفضفضة وبوح القلوب.. ودون تكلفة شاركني الجو معهم وقال :انه أعز وأغلى إلي من أخي ..سكت ثم نظر إليه قائلا : أتذكر.. كنا نجلس معا ونلعب في الحارة سويا.. تجمعنا براءة الأطفال.. مرحهم ولهوهم والطيش .. لا نفترق إلا دقائق معدودة ثم نعود لنلتقي.. عشنا معا أفراحنا وأحزاننا.. يزيد الفرح عندما يجمعنا.. وتنتهي الأحزان عندما نذهب سويا ونعود سويا..!! فرق النظر بيني وصاحبه وقال بنصر وفخر : هل يوجد في الدنيا مثلنا ؟ إنهم صادقون مع بعضهم بعضاً.. لطيفون جدا..!!

لكنني أفقت من خيالي على صوت صديقتي ..وكم تأففت من أعمالها التي لا تنتهي.. والشارع والناس والزحمة ..!!

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights