الطوق المكسور
ناصر بن خميس الربيعي
(بعيداً عن الرتابة في العمل، واستمراراً لرحلة البحث والمعرفة التي لا تنتهي إلا بآخر نفس للإنسان، أضيف تجربة جديدة إلى رصيد تجاربي المثرية والهادفة فويل لطالب العلم إنْ رضي عن نفسه كما قال طه حسين، ساعياً إلى مزيد من العطاء والإبداع في غرس القيم الفاضلة بين حملة المستقبل ومساهماً في بناء دولة عصرية بعقول متفتحة متابعة لمجريات حياتنا.
يومان في ضيافة مركز التدريب بولاية صحار في قلعة العلم ومنارته في محافطة شمال الباطنة والتي ترعى هذه الحاضنة وتتعهدها لتُزهرَ براعماً جديدة وتبعث الأمل في نفوس ملتحقيها من الأخوة والأخوات فرسان ميدان التعليم، والذي كان العرين الذي نشأ فيه الرعيل الأول من بُناة الوطن ولا يزال هذا الصرح يرفد ويصقل تجربة بُناة حاضر الوطن حالياً كمركز للتدريب.
وأنا أُعِدُّ العدة لليوم الثالث من هذه التجربة الفريدة، أقف مع غروب شمس اليوم الثاني مسترجعاً الأحداث في اليومين الماضيين؛ لأتلذذ بما جمعته في سلتي من ثمارٍ حلوة المذاق رائعة الطعم، وكيف لا وأنا أقف وسط ثُلّةٍ غمرتنا بكريم عطائها ودماثة خلقها ورحابة صدرها وسعة بحرها، ولا يزال الربان القدير الدكتور علي المعمري متألقاً في إدارة دفة هذا التجمع الطيب، فله منّا جزيل الشكر وخالص التقدير.
لقد أعادني هذا اللقاء إلى أيام الدراسة قبل عشرين عاماً وزيادة؛ لأتلمس واقع طالب العلم وأعيش تجربته على مقاعد الدراسة، والتي يُقرُّ الجميع بتعقيدها وسط الكم الهائل من التطور، فالطالب اليوم يسبح في بحر من الروتين والرتابة في عرض المادة العلمية التي أصبح همها الأول الكم، وعليه فإنني أخرج بعد يومين من هذا اللقاء الطيب، وأنا على يقين بأن دوري كمعلم يتجاوز عرض المادة العلمية بالطرق الكلاسيكية فمعلم اليوم مطالب بأن يرتقي في أسلوب التدريس بحيث يواكب هذا التقدم العلمي ويُعايشه في القاعة الصفية.
وفي النهاية آمل أن نسعى كتربويين إلى التعاون مع المنظومات الأخرى في المؤسسات الحكومية للتخفيف عن الطالب ومنحه المزيد من الثقة بأي وسيلة كانت في حدود المتاح والمناسب لبناء جيلاً قادراً على التعاطي مع عالم اليوم وتحديات المستقبل، فهلّا بعثنا فيهم روح الأمل وطموح المستقبل.)