سليمان بن علي الراشدي
يُقال إن كل شيء جميل على السطح يخفي في داخله عمقاً مرعباً، هذه الفكرة ليست مجرد قول مأثور، بل حقيقة ثابتة في عالمنا الذي نعيش فيه فالسطح قد يكون جميلاً، لامعاً، وجذاباً، ولكنه في كثير من الأحيان يخفي في طياته حقائق معقدة، وأبعادً خفية تتطلب الغوص في الأعماق لاكتشافها.
السطح ما يراه الجميع، هو ما يلفت الانتباه ويسحر الأنظار، ولكنه غالباً ما يكون مجرد قشرة تخفي تحتها عمقاً مليئاً بالتحديات، الأفكار، والمشاعر، هذا العمق قد يكون مرعباً، ليس بسبب سلبيته بل بسبب تعقيده وحقيقة أنه يتطلب شجاعة كبيرة لمواجهته وفهمه في حياتنا اليومية، نحن غالباً ما نميل إلى الحكم على الأمور بسطحيتها، ولكن عندما نتعمق أكثر نكتشف جوانب أخرى غير مرئية للعين المجردة.
على سبيل المثال في العلاقات الإنسانية، قد يبدو شخص ما لطيفاً وسهل التعامل على السطح، ولكن مع الوقت والتفاعل، قد نكتشف تعقيدات وصراعات داخلية تجعله أكثر عمقاً مما كنا نتخيل، هذا لا يعني أن العمق سيء أو مخيف بالضرورة، ولكنه يتطلب منا التوقف والتأمل قبل إصدار الأحكام.
في الفن أيضاً، كثيراً من اللوحات والأعمال الأدبية تبدو بسيطة في البداية، ولكن مع التحليل والتفكير العميق، نكتشف أنها تحمل في طياتها معانٍ ودلالات قد تكون أكبر بكثير من المظهر الخارجي، هذا العمق هو ما يجعل الفن خالداً ومؤثراً عبر الأجيال.
إن العمق المرعب هو ما يضيف قيمة حقيقية إلى السطح المدهش بدون هذا العمق يبقى السطح فارغاً بلا روح، العمق هو ما يعطي الأشياء معناها الحقيقي، هو ما يميز بين الجميل والعادي، بين القيم والقشور؛ لذلك علينا أن نتذكر دائماً أن الأشياء ليست كما تبدو وأن الغوص في الأعماق قد يكشف لنا عوالم جديدة مليئة بالمفاجآت والمعاني.
في النهاية، نعود إلى حقيقة أن الجمال الحقيقي ليس فقط في ما نراه على السطح بل في ما نخفيه في الأعماق، علينا أن نتعلم كيف نقدر العمق بقدر ما نقدر السطح لأنه بدون العمق يصبح السطح مجرد قشرة هشة وسراب زائل .
