تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

شذرات من المجتمع .. ( الجزء الثاني والأخير )

  عبدالله بن حمدان الفارسي

من الملاحظ الآن الكثير منا لا يصطحب ابنه إلى المناسبات الاجتماعية المختلفة أقصد ذات النفع وليس غيرها، الهدف من ذلك ترسيخ تلك العادات والتقاليد الحميدة في ذهنه منذ الصغر والتعود عليها، وتعريفه على أفراد مجتمعه كبيرهم وصغيرهم، والاطلاع على السلوكيات الإيجابية المتبعة، وتوطين الشعور بالانتماء لمجتمعه ولمن يشاركه فيه، والترفع عن السلوكيات السيئة التي لا تجلب للمجتمعات غير الفرقة والتطرف العنصري والطائفي، تنمية روح حب الوطن والحرص على سلامته ومدخراته والولاء لولاة الأمر، واحترام كل من يشاركه العيش على أرضه مواطنا أو مقيما أو زائرا، وبالقوانين التي تكفل سلامة الوطن والجميع.

ليس هناك ما هو أروع وأجمل من أن يكون الإنسان منتميا لدين الإسلام، فلا يوجد ما هو أكثر عزة وفخرا من ذلك، ولكن من الأهمية بمكان أن لا ندع لمن يتربص بنا للإيقاع فيما بيننا طريقا سهلا له، لجعلنا دمى متحركة بين يديه، وأن نكون رهن مؤشراته وغاياته الخبيثة، ونكون بعدها معول هادم لوطننا ومجتمعنا، فإصلاح الوطن والفرد والمجتمع ليس بالتفكيك والتفرقة، والتشكيك في دين الآخرين والتنقيب عن زلاتهم وجهلهم لأمور لربما تخفى على المتعلم منهم، يجب نبذ الفتنة والابتعاد عن الإسلام المسيس الذي ينادي به المفرقون ومثيرو العنصرية والطائفية، فَقد قَالَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لأسامة رضي الله عنه: أَقَتَلْتَهُ بَعْدَمَا قَالَ: لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ؟! فَما زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذلِكَ الْيَوْمِ.) متفقٌ عَلَيهِ. لذا دع الخلق للخالق تسلم ويسلم وطنك.

لا يمكن التدخل في سياسة وشؤون الآخرين دون إيعاز وعلم من ولاة الأمر فينا، فإن ذلك من الأمور التي تعزز وتؤجج الفتن، وتخلق التنافر بين الأشقاء والأصدقاء، وعلينا أن نعي بأن ليس كل ما يطرح على الساحة هو قابل للنقاش والخوض فيه، فهناك أمور غير مناسبة لذلك، وليس الكل مؤهل للخوض فيها لا نقاشا ولا فعلا، فالنأي عنها يجنب الكسر والانشقاق، والتفكر والتريث ومن ثم الاجتناب أمر حسن عما سيكون في النهاية، طريق ذا منحى انحداري مؤلم ومهلك.

من الظواهر السلبية أن تجد من ينصب نفسه قاضيا، مشمرا عن ساعده للدفاع عن أفعال غيره ممن هم في موقع المسئولية، وذلك دفعا وذودا عن أفعالهم وأخطائهم، وكأنه قد توغل إلى بواطنهم واطلع على خواطرهم الخفية، ووضع يده على أفكارهم الشخصية، هذا التصرف لا يناسب ولا يليق بالإنسان السوي، جميعنا في النهاية بشر ومعرضون للصواب والخطأ، ومذبذبين بين الصعود والهبوط، والاستمرار على القمة أمر في غاية الصعوبة، أو من المستحيلات وحتى إن كانت النية والفعل هدفهما الصلاح فلا بد من وجود خلل ما في الحفاظ على التركيز والتوازن التام، هي الطبيعة البشرية ولا عيب في الإخلال وعدم التوفيق والنجاح، فلا تجعل أيها المدافع نفسك أمام نفسك سخرية لذلك قبل الآخرين، فلا عصمة إلا لنبي، نعم وهذا مطلب بأن نكون مع بناء الوطن وعدم المساس بولاة الأمر، ولا بأهدافهم وسياساتهم، ولكن هناك من يشارك في تلك الخطط، ولا أظن الجميع في منأى عن السهو والخطأ، لذلك يجب أن يكون دفاعك مبني على أسس علمية واقعية لا على عواطف أو علاقات شخصية، الدفاع عن الوطن وإصلاحه يتحقق من خلال التوجيه السليم والنقد البناء والمشورة النابعة من خبرات وتجارب سليمة ونظيفة مكتسبة، كن واعيا وموجها ومصلحا بعقلك، لا بقلبك العاطفي وشخصنتك للأمور.

إن من المعطيات ذات الضرر التي يجب النهي عنها والابتعاد عن صانعي محتواها، ظاهرة ما يطلق عليهم ( مؤثر – صانع محتوى ) هذا العنصر لم نألفه أو بالأحرى لم نرثه من سلفنا، بقيامه نقل أخبار الناس وعبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وكشف خصوصياتهم للآخرين ونبش المستور منها بحجة المساعدة (الأغلب منكم لديه الخلفية عن المرأة وما كان بينها وبين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما وسعي كل منهما بتقديم المساعدة لها دون علم الآخر) ومن ليس لديه معرفة بتلك القصة لا خجل في البحث والتحري، إن هذه التصرفات يجب أن تضع في الحسبان أنها لا تضر بشخص معين بقدر إلحاقها الضرر بالوطن، حيث نشر مكنوناتها وأحداثها هي قضايا خاصة، السعي لحلها ليس بهذه الطريقة المثيرة للبلبلة والسخرية في آن واحد، هذا شأن داخلي له ما له وعليه ما عليه، وعلى الجهات ذات الاختصاص ومن يهمها أمر الوطن وقف هذه المهازل.

وطننا خط أحمر غير قابل للتفاوض عليه ولا للمساومة، توجد مقولة (من يساومك على وطنك يستحق أن تضعه تحت حذائك) (مقتبس)، وهو كذلك ينطبق على من تربطنا بهم صلة الجوار والرحم والنسب، فمن أقوال الرسول – صلى الله عليه وسلم – التوصية على حب الجار وحسن الجوار، ولا يمكن لنا التغافل عن ذلك، كما أن لنا شأن داخلي لهم شؤونهم الخاصة، فيجب علينا ألا ندعي المعرفة ونحلل كل ما يطرأ على مسامعنا، وما تقع عليه أعيننا (فلا نهرف بما لا نعرف) نترك الأمور لمن هم أعلم بما يدور خلف الكواليس وما فوق السطور، ولا تكون الشهرة أبدا بالصعود على أكتاف الآخرين والتنقيب عن خفايا هفواتهم.

عودة للزمن الطيب والطيبين، للأخلاق الحميدة، والسلوكيات والعلاقات الإنسانية ذات الطابع الأصيل، للمحبة التي ليس خلفها مآرب سيئة، للجوار الحسن والصحبة الصادقة، للأيام الجميلة التي فيها ما في بيت جارك هو في بيتك، للزيارات غير المسبقة التحديد، للأوقات التي فيها عندما يحل ضيفا على جارك عليك واجب المساهمة في ضيافته كرما منك، وتخفيف العبء عن الجار، للماضي الذي يربي ويؤدب فيها الجار أبناء إخوته وجيرانه قبل أبنائه دون تدخل من ذويهم، وإبداء عدم الرضا منهم والسخط من ذلك أو حتى مكذبين لك ضمنا بقولهم ابننا لا يفعل ذلك، لأيام لا تحلو لك أكلتك إن وصلت رائحتها للجار الجنب، فتأبى نفسك إلا أن تشاركه فيها، أشياء وأفعال لا يمكن لذاكرتي المتواضعة أن تسرد الكثير مما شمله زمن العطاء والوفاء والتكافل والتكاتف والتعاضد بين ناسه .

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights