أهلاً بك في الجامعة ..
إبراهيم بن علي الشيزاوي
قبل بضعة أيام، وبعد ظهور نتائج القبول الموحد؛ تعالت الأصوات المبتهجة بالقبول، وتبادلت العوائل التهاني والتبريكات، وكأن عيداً قد حل. نعم، إنه فرحٌ مستحقٌ، فرح يتوج جهداً وتعبا استمر لاثنتي عشرة سنة.
عزيزي الطالب، مبارك لك القبول، وأهلاً وسهلاً بك في الجامعة، وأرجو أن ترعني سمعك – وفقك الله – فقد جمعت لك بعضاً من النصائح التي قد لا تجدها في أي مكان آخر، وهي:
* المرحلة الجامعية أفضل مرحلة عمرية، وقد تكون واحدة من أجمل سنوات العمر؛ حيث النضج العقلي النسبي، والتمتع بشيء من الحرية المتزامن مع قلة المسؤولية. مسؤوليتك الكبيرة هي الدراسة وطلب العلم.
* الدراسة الجامعية ليست كالمدرسة؛ فهي دراسة عميقة لتخصص محدد، ولربّما تلاقي بعض الصعوبة في بعض المواد؛ الأمر الذي يتطلب منك الكثير من الجد والاجتهاد، وهنا ستكتشف أن عبارة ” تدخل الجامعة وترتاح ” ليست صحيحة، فأنت لست مقبلاً على الخمول الذي يسمى بالراحة؛ بل على مرحلة جديدة من مراحل الكفاح والنجاح بإذن الله؛ فشمر عن ساعد الجد، واتعب أربع سنوات لترتاح أربعين سنة.
* أنت في مفترق طرق الآن، أكون أو لا أكون، فاختر ما يناسبك؛ سيكون لك شأن بالاجتهاد، ولن يكون لك أي مكان إذا قضيت الليل سهراً، والنهار مستهتراً.
* نظم وقتك، وإياك وتأجيل البدء في عمل المشاريع الدراسية، واحذر من المذاكرة ليلة الاختبار فقط، وفي هذا الجانب أنصحك بحضور دورات في إدارة الوقت والتخطيط.
* لا تستمع للأصوات المحبطة، مثل، ” لا يوجد وظائف، علق الشهادة ببرواز، المستقبل ضائع”، أو غيرها من العبارات البائسة، واعلم أن لكل مجتهدٍ نصيب، وأن الله تعالى قد قال، وقوله حق ووعده صدق: {…أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ…}- [من آية 76، سورة آل عمران]، وفي آية أخرى: {…إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30)}-[سورة الكهف].
* انضم إلى أنشطة الجماعات الطلابية الهادفة؛ فهذه الجماعات تصقل المواهب وتنمي المهارات، وغالباً أعضاء الجماعات النشطين يكونون فارقين عن أقرانهم في المستقبل المهني بعد التخرج.
* اقرأ في مجال تخصصك من مصادر أخرى غير الكتب الدراسية؛ لأن ذلك سيميّزك في الدراسة، وسيجعل منك منافساً شرساً في سوق العمل. يتخرج سنوياً آلاف الطلبة وجلّهم بمهارات ومستويات متقاربة. المميز منهم هو الذي اجتهد على تثقيف نفسه في مجال تخصصه خلال سنوات الدراسة.
* الدراسة الجامعية ممتعة؛ فاستمتع في طلب العلم، ويكفي طالب العلم شرفاً ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن سَلَكَ طَريقًا يَطلُبُ فيه عِلمًا، سَلَكَ اللهُ به طَريقًا إلى الجنَّةِ، وإنَّ المَلائكةَ تَضَعُ أجنِحَتَها لطالِبِ العِلْمِ رِضًا بما يَصنَعُ، وإنَّه لَتَستَغفِرُ له دَوابُّ البَحرِ، حتى الحيتانُ في البَحرِ، وإنَّ فَضلَ العالِمِ على العابِدِ كفَضلِ القَمَرِ لَيلةَ البَدرِ على الكَواكِبِ، وإنَّ العُلَماءَ وَرَثةُ الأنبياءِ، إنَّ الأنبياءَ لم يَدَعوا دينارًا ولا دِرهَمًا، ولكِنَّهم -وفي حديثِ زاهِرٍ: ولكنْ- وَرَّثوا العِلْمَ؛ فمَن أخَذَ به -وقال زاهِرٌ: فمَن أخَذَه- فقد أخَذَ بحَظٍّ وافِرٍ)-[ أخرجه أبي داود، وأحمد، والترمذي].