خُذْ نفَسًا عميقًا
د. محمد عزيز عبد المقصود
أستاذ مساعد بجامعة Unishams
خذ نفسا عميقا؛ كي تستمر حياتك؛ فأنت أعمق من كل ما حولك، وثق بأن الله تعالى لن يتركك، اقترب.. تمسك.. كن على يقين بأن معية الله تعالى معك أينما ارتحلت، وحينما كنت، وأنه سبحانه وتعالى قدّر لك قدرا؛ فارضَ بما قدّره لك، فكل ما يحدث خير وإن بدا لك غير ما ترى، وصدق رب العزة؛ إذ يقول:(وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ). (البقرة: من الآية 216).
خذ نفسا عميقا وتذكر بأن في الحياة أبوابا لا تمل طرقها، وإغلاقها وفتحها بحكمة، وانظر في نفسك ولا تقارنها بأحد، فقد تتمنى شيئا وعند الناس أشياء؛ ، ومَن خلقك أعلم بما ينفعك ويُصلحك، يقول الله تعالى:” أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطيفُ الْخَبِيرُ”.(الملك:14)، فلربما تأخر عنك ما تريده لترى ما يريده؛ لذا ثق فيما عند الله، وما عنده هو خير وأبقى.
خذ نفسا عميقا وإن اختنقت كلماتك؛ وتناثرت حروفك، لكنّ قلبك سيظل حدائق غنّاء، فقط استنشق عبيرها الفوّاح، وامضِ إلى حيث أرادك الله، فحياتك لك وربك أعلم بها، واترك بينك وبين غيرك مسافات آمنة؛ كي تستمتع بها وتحياها كما تريد لا كما يريدها غيرك، واغتنم أوقاتها؛ فربما جاءك ما لم يجدك، فكن مستعدا!
خذ نفسا عميقا وأعطِ كل ذي حق حقه، أعطِ نفسك حقها، وأعطِ أسرتك حقها، وأعطِ أهلك حقهم، وأعطِ أصدقاءك حقهم، وأعطِ جيرانك حقهم، وأعطِ عملك حقه…؛ فأنت مجموعة أجزاء في كل، وقد تتقاطع مع غيرك أو تتحد معه، لكن لا تكن خاوي الوفاض، فقد يفتش عنك من يريدك بين جدران كلماتك فلا يجد إلا صمتا تتوارى بين حروفه، فلا تنس أصحاب الحقوق؛ حتى لا يقال: ليتك لم تكن!
خذ نفسا عميقا وانطلق نحو مستقبلك دون النظر إلى الوراء، تعلم من أخطائك، ونمّ نفسك وطوّرها، وقد تعنُّ لك بعض مشكلات بين حين وآخر، فكن حريصا ألا تكون سببا فيها، ولا تفكر في سلبياتها، كن إيجابيا وخطط جيدا لتغيرها من مشكلات لمضادات تعينك في الحياة.
خذ نفسا عميقا وأنت مغمض العينين، ودع قطار أيامك يمضي بما فيه من ذكريات في بحر النسيان، وكن على يقين بأنك -بعد هذا النفس العميق- ستنجح.. ستتغير .. بل ستعشق التغيير، ومهما نفثت فيك سموم الآخرين، فلا تضيع وقتك معهم بل اجعلهم يرون أفضل ما عندك وأنت مختلف؛ فقد أخذت نفسا عميقا جعلك لا تنسى تلك المسافات الآمنة.