(٢) نزهة الحروف…
خلفان بن ناصر الرواحي
حرف (ب):
بداية كلّ شيء جديد في حياتنا اليومية هو باكورة عملنا، واستئناسا بحرف الباء؛ لنبدأ به “بسم الله الرحمن الرحيم”، ثم نبدأ ببيان ما نريد قوله أو فعله، فيأتي مفتوحا بَاديّ ذي بدءٍ أو منونا بكسرةٍ كمثلِ بابٍ مفتوح، لكنه ضُمَّ في وسط “رُبُوعٍ الفيافي الواسعة” إيذانا للدخول في يومنا الجديد قبل أن توصد علينا الأبواب؛ لتسكن القلوب عند كل لحظة ندّون خلجاتنا في صفحة واحدة فقط أو كتابْ.
نعم، إنه حرف (ب) بما يعنيه لدينا من معان وكلمات مختلفة، تتشكل حسب طبيعة مجريات الأحداث التي نعيشها بين فترة زمنية وأخرى. فلو ربطناه مثلا مع حرف (أ) لظهرت لنا كلمة “أب”، فما أجملها من كلمة واحدة من حرفين تشكلا ينشران عطفهما علينا بحنان الأب أو يذكرانا بمكانة الأب العظيمة التي يجب علينا نستحضرها جميعا في كل لحظة من مراحل حياتنا، ولنتذكر دائما كيف يكون حال من تيتم من أبيه وغيبته الأقدار، وكيف نقارنه بمن ما زال بيته مباركا بوجود الأب لتعم السعادة والرحمة ببره.
حرف (ت):
تَبارك من جعل الحياة كلها مدرسة وعبرة، نستلهم منها الدروس التي تواجهنا في ممارساتنا اليومية في البيت أو العمل أو في أي وقت ومكان آخر، وبُوركت الأعمار والأوقات التي نقضيها فيما يحب ربنا ويرضاه. تُراودنا الأحلام لنشق طريقنا إلى طريق الصواب، متوكلين على الله تعالى، تَاركين خلفنا كل أمرٍ يؤدي إلى تداعيات الحياة غير المرغوبة التي قد تنغص علينا لحظاتِ الشعور بالأمان والطمأنينة وراحة البال والسكينة.
نعم، هذا هو حرف (ت) عندنا، نضعه في أعماق أنفسنا قبل خروج الكلمات التي نراها متناثرة على صفحات حياتنا اليومية، واحدة تلو الأخرى، منتقين حركات التشكيل التي نراها مناسبة للمتلقي على بساط الأمل والتفاؤل الذي يتطلع إليه كل إنسان مهما كانت ظروفه قبل ضياع العمر والعيش في شتاتْ.
فهكذا هو حرب (ت)، لو قمنا بربطه بحرفي (أ) و (ب) لتشكلت لدينا عدة كلمات أخرى، كمثل؛ (أبتْ، بات، تاب)، وجميعها ذات قيمة ومعنى ومغزى في النص الذي نريده يتناثر بين السطور، فما أجمل تلك الحروف في الكلماتْ!
ولنا في هذه النزهة تتمة…