2024
Adsense
مقالات صحفية

إجادة، إبادة للإجادة

خلفان بن علي بن خميس الرواحي

في طريقه بدون وعي أو تفكير، ضربت قدمه بشيء ما، كان ليّناً أنزل رأسه حتى يراه ويتعرف عليه؛ لقد كانت رزمة أوراق، تناولها بيده خوفاً من أن يكون فيها بعض الآيات القرآنية أو أسماء الله الحسنى. بسرعة مرّ عليها وكأنّ لون الخطّ مألوفاً لديه، وتفاجأ عندما رأى تلك الكلمة التي أصبحت ترددها الألسن حتى الأطفال هذه الأيام بين مطبّل لها، وآخَر يندب حظه معها ويرجو أن تُمسح من القاموس.

تنهد وقرأها في نفسه “إجادة”. ضحك ضحكة خبيثة ورمى بالرزمة في سلة القمامة، ولم يلتفت لِما فعل.

يُحدّث ذاته كالعادة: “الآن أنا أمضيت في العمل قرابة العشرين عاماً وأكثر، وتوقفتْ ترقيتي منذ سنوات، حتى لا أذكر متى كان آخرها، وعلى نظام “الإبادة” لن أتشرف بالترقية حتى أُحال للتقاعد أو أستقيل. سأظل مكانك سِر. هل من المعقول أن يظل الموظف في درجة واحدة طوال فترة عمله، وكان ينتظر تلك الترقية حتى يحس بأنه انتقل من الأدنى للأعلى، ومع نظام الإجادة سوف يكون ملازماً لدرجته ما استمر بالحياة؟
أيعقل أن يكون هذا تحفيزاً للموظف أم قتلاً لتلك الهمم التي كانت قبل؟”.

تعوّدنا دائماً عندما يتم تطبيق نظام أو برنامج في أيّ جانب حكوميّ أو غيره نجد الهالة الإعلامية التي تظهره بأنه المخلّص الذي سيُخرج المواطن مما يعاني، ولكن للأسف ما إن يطبق حتى تختفي تلك الحملات الإعلامية، وتظهر الحقيقة المرة بأن كل ما قيل بعيدٌ عن الواقع، وهذا كله يعود لسوء التطبيق.

ما زالت الكثير من الأمور المتعلقة ب”إجادة” غامضة وتحتاج إلى مزيد من التوضيح حتى يفهم الموظف كيف يتم التقييم وما علاقة التقييم الذاتيّ بنتيجة الموظف في كل فترة من فترات التقييم.
الأمر الآخَر آلية المفاضلة بين الموظفين الذين وصلوا لدرجة الامتياز واختيارهم للتكريم حسب نسبة كل مؤسسة من المؤسسات.
كل الحزن على الباحث عن العمل الذي سوف يتوظف ويظل في درجته حتى يموت بحجة أنه لم يحصل على درجة امتياز لسنوات متتالية حددها النظام، وهذا جانب مجهول آخَر.
هل سيكون للحكومة مراجعة لهذا النظام وتقييمه من حيث الإيجابيات والسلبيات، ما له وما عليه، بعيدا عن التمسك بما هم يظنونه مناسباً؟ لماذا لا يكون هناك استبانة لكل العاملين بالقطاع العام والخاص لاستقراء آرائهم في النظام بعيداً عن الاستبانة الموجودة في النظام ذاته، ويرى المسؤولون درجة تقبّل الموظفين للنظام وأكثر الملاحظات التي تشغلهم لإيجاد الحلول لها، لتكون الأمور أكثر وضوحاً للجميع؟
الموظف حتى يكون منتجاً يحتاج لشيء من الرضا الوظيفيّ، و”إجادة” بالمختصر لا تحقق هذا، وإنما تجعل منه شخصاً يعمل بدون إنتاجية ولا رغبة؛ لأنه يعرف أنه لن يتقدم مهما بذل من عمل، ومهما كان تفانيه فيه؛ وذلك بسبب أنه لم يحقق تقدير امتياز في الإجادة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights