2024
Adsense
مقالات صحفية

مقال : العيد ،،، مظاهر افتقدناها وتلاشت

 

هلال بن حميد بن سيف المقبالي

العيد بهجة وانشراح .. تجمع ولقاء .. ألفة وتعاون..

كثير من كتب عن العيد بطريقته وبمنظوره الشخصي .

وفي مقالي التالي سأطرح ما عشته من ذكرى أيام العيد .. واختفاء بعض المظاهر عندما كبرنا.
كنت أفرح كثيراً عند أقتراب العيد ، وكانت أيام العيد في مخليتي تختزن الكثير من التخيلات والاحلام .
قبل العيد بثلاتة أو أربعة أيام كانت النساء يجهزن احتاجات العيد من أدوات وخلافه ، والأطفال فرحين بملابسهم .
و كان رجال الحارة والتي لا تتجاوز عدد بيوتها آنذاك 12بيتاً يتجمعون تحت شجرة عملاقة وارفة الظلال شجرة الصبار (التمر هندي) نسميها الصبارة.
و كانوا يتسابقون على جذعها للإتكاء عليه ولا أبالغ إذا قلت بأنه يتسع لأكثر من 6 أشخاص حوله.
كان الكل يعمل ( قلد الحبال ..وسف الخفصة وخياطتها وسحل المشاكيك) بعض منه يستخدونه للعيد والباقي يبيعونه، كانوا يجلسون من بعد صلاة العصر حتى قرب المغرب وبعض منهم يجلس صباحاً حتى صلاة الظهر تعلوهما الضحكات وتتداخل السوالف والحكايات، وتمتزج بينهما التعليقات والدعابة (مظهر افتقدناه وقد لانراه مستقبلا ).
كنت حينها أرافق أبي أحمل عنه ما يعمل عليه وأحيانا أسبقه لأحجز له مكاناً على جذع الصباره.
وفي أول أيام العيد يخرج رجال الحارة باكراً إلى صلاة العيد بزيهم الجميل لابسين الخناجر ومتوشحين الأسلحة، (مظهر افتقدناه) يجتمع في المصلى جميع رجال القرية.
أما نساء القرية  والأطفال يخرجون بأجمل ثيابهم وأناقتهم إلى (المخرج).
(البعض يسميه العيود) وكلاهما (المصلى، المخرج) قريبان بينهما عدة أمتار فقط (مظهر افتقناه).
يصحبني والدي معه إلى المصلى وراسي متجه صوب المخرج ، وفور وصولي للمصلى وما إن يبدأ أبي بالصلاة  ..حتى أنطلق مسرعاً إلى ساحة المخرج. وأتلمس الألعاب وأتذوق القشاط والرهش بدون لا أشتري مؤجلاً الشراء حتى أحصل على العيدية.
أعود إلى المصلى مرة أخرى مع الأولاد ذكوراً وإناثا  قبل انتهاء الخطبة.
نصافح الرجال ونحضى بالعيدية من هذا مئة ومن ذاك مئتان لنشتري ما نريد منهن ونجمع باقي العيدية لنتباهى بها لاحقا.
بعد الصلاة يطلق الرجال طلقات نارية في الهواء ابتهاجاً بالعيد ثم يتوجهون كلاً إلى حارته يجتمعون على تناول أطباق العيد (الهريس/العرسية/القبولي) جمعت الأطباق من البيوت ووضعت تحت الصبارة تمهيداً لحضور الرجال.(مظهر افتقدناه).
يعودون بعدها إلى منازلهم لذبح مواشيهم.
ليتجمعوا مرة أخرى بعد صلاة الظهر.
تجهز نساء الحارة لهم تبزيرة الشواء من الخل والتوابل والثوم.
ويتعاونون فيما بينهم، منهم من يجهز التنور ويشعلون فيه النار، كذلك بعضهم يقومون بتبزير لحم الشواء وتجهيزه ليضعوه داخل الخصفة بترتيب متقن. (مظهر افتقدناه).
وبعد تجهيز خصفة الشواء يصلون العصر وبعدها يحملون خصافهم ويرمونها في التنور ويقومونربتغطيته.
ثاني أيام العيد يجتمع رجال الحارة صباحاً تحت الصبارة يتناولون فطوراً جماعياً تم يبدؤون بشك اللحم (المشاكيك) تمهيداً لشوائه ة، ويجهزون الصار لشوي المشاكيك، وبعد صلاة الظهر يتجمعون مرة أخرى لتناول الغداء، الرجال تحت الصبارة (مظهر افتقدناه) ..
أما النساء والأطفال يتجمعون في بيت  من بيوت الحارة يتفقن عليه مسبقا.(لازالت هذه العادة مستمرة ولكن بصورة محدودة ).
أما ثالث أيام العيد فيتجمع الرجال حول فتحة التنور لاستخراج الشواء في صورة جمالية وتعاون وتكاتف ، مناظر تبهر المشاهد ( وهذه العادة الباقية إلى الآن بنفس تفاصيلها منذ أن عرفتها).

وختاماً ليس بالضرورة ما فقدته من مناظر ومظاهر العيد ليست موجودة عند الآخرين، ربما عند الكثيرين موجودة ومستمرة.
ولكن أنا هنا أتحدث فقط عن وضع الحارة التي عشت فيها تفاصيل مباهج العيد لأكثر من ثلاثين  سنة.

أيام العيد جميلة….!! بحد ذاتها، وبجميع تفاصيلها، فهي ذكريات تتجدد، وأمنيات تتحق، كانت لي حياة أنس وفرح. كبرت وغرست تلك البهجة والفرح في أبنائي.
ورغم كل ذلك تحدثني نفسي بعدة تساؤلات.
هل أطفالنا يعيشون فرح العيد مثلما عشناه؟ ..رغم تلاشي بعض المظاهر؟
هل ضغوطات الحياة غيرت من بهجة العيد لدى الكبار؟
أم أن للمدنية ثمن ندفعه؟ وفبعض هذه المظاهر تلاشت ثمناً لهذا التمدن؟
كل عام وأنتم بخير وسعادة

 

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights