جاءَ العيد، فلا تنْسى نفْسك..
فؤاد آلبوسعيدي
إقتربت أيّـام الأعياد الجميلة ولياليها الطّيبة التي جعلها الله كعطيّةٍ من عطاياه الجليلة للصّائمين الذين إجتهدوا وصبروا في سبيل مرضاته سبحانه وتعالى، إقتربت تلك الأيّام التي تفرح الصّغير والكبير بمقدمها، فبحضورها تَظهَر للعيان العديد من الأمور التّي تفرح النّفس وتُطيبها وتزكّيها ومنها على سبيل المثال كثرة الصّدقات وزكاة الفطر (زكاة الأبدان) وكذلك الكسوة الجديدة للعيد التّي تفرح الجميع على السّواء كبيراً وصغيراً. للأسف كما وأنّ هنالك إيجابيات تفرح الجميع بقودمها في أيّام الأعياد فإنّ هنالك بعض السّلبيات التّي تظهر في الأعياد وتكون ظاهرة للعيان أكثر في هذه الأيّام القادمة والطّيبة.
هنالك الكثير الكثير من السّلوكيات المؤذية والسّلبية التي نراها وتظهر لنا أمامنا في طيلة أيامنا والتّي ستظهر أكثر في أيّام الأعياد، وهذه السلوكيات الغير طيبة ستظهر لدى البعض من الأقارب المقرّبون والأهل والأصدقاء وكأنّها نجوماً تميّزهم عن بقيّة الأقران بخصالهم تلك التي تؤذي المشاعر وتحرم النّاس عن صلات الرّحم والقُربى، في قادم السّطور بعض الذّكر عن فئاتٍ تقوم بأمور سلبية طيلة أيامهم، ونجد تلك الفئة من الناس تُشمّر عن تلك السلبيات في أيام الأعياد فتظهر لنا أخلاقهم وصفاتهم لبقية النّاس من أقارب وأرحام وأصدقاء كبيراً وصغاراً.
قمّة الأستغراب أن يقوم البعض بالتّمييز بين النّاس من أقارب وأرحام فيقوم بالتواصل والسّلام والزّيارة فقط مع من يحبّ منهم فيخصّ بعض النّاس بذلك الودّ ويقطع البقيّة الباقية عنه فيلبس بذلك لباس العنصرية والتّمييز والكراهية والبغضاء التّي نهانا عنها ديننا الحنيف الذي يدعو إلى الفضيلة السّمحاء بين البشر، البعض أصبح يقدّم بين النّاس أجمعين على حسب المادّة والرّصيد الموجود في حساباتهم البنكية، كثرة من الخلق أصبحنا نراها في مناسبات كهذه أن تقوم بتهنئة الغنيّ الذي يملك مالاً جمّاً في أرصدته والبعض يكثر في السؤال والكرم لمن كان ذي يسرِ حالٍ ونعمة، أمّا إن قدم بزيارته والسّلام عليه شخص ذي مكانة ماليةٍ أدنى حتّى وإن كان من أقرب الأقرباء إليه كأبناء الأخ والأخت أو أبناء العمّ والخال أو العمّة والخالةِ، يصدف أن نراه يغيّر في أسلوبه وطريقة حواره وكلامه وحتّى في ضيافته.
من التّغيرات الإجتماعية التي ظهرت وبدأت تنخر وبقوّةٍ أساسات وأخلاقيات الأفراد في المجتمع والأسرة أن يقوم أحدهم بتجنّب تعميق وتوطيد علاقاته وروابطه مع جماعته وأهله من الأخوال والخالات وأسرهم وكإنّهم ليسوا من رحمه وأهله ومن جماعته، الكثير قد أصبح ينأى عن نفسه زيارة من كانت علاقته وطيدة مع والديه فيما مضى من أيّام وسنين عابرة، فينسى عمق العلاقة والقرابة التّي كانت تربط بين الأباء والأجداد، ينسى مدى الإحترام والتقدير المتبادل والتي كانت سبباً في توطيد صِلات الرّحم والقُربى.
للأسف البعض وبكلّ أسفٍ نجده أن يقوم حتّى بالتّفريق بين الأطفال الذّين لا يملكون من الذّنب شيئاً، فنجد أنّ البعض عند قدوم فرحة الأعياد أن يتمادى في إيذاء هؤلاء الأطفال بصورة غير مباشرة ودون أن يشعر بذلك الألم والإحساس الذي قد يصيب الأطفال..، من العيب والمؤلم أن يقوم البعض بتوزيع العَيُّود أو العيدية (=المبلغ الذي يعطى للأطفال وغيرهم بمناسبة الأعياد) بطريقة فيها الكثير من التمييز والمفاضلة بين هؤلاء الأطفال الصّغار وخصوصاً إن كان حضورهم في جلسةٍ ومجلسٍ واحد.
تلك قلّة من الأمور التي بدأت تنتشر في المجتمع المحلّي وذلك بعد أن كانت منذ فترة وجيزة في بدايات وطئها لأسوارنا التّي كانت مرتبطة ومتماسكة لا يفرق بين الأسر أموراً ماديّةً، نسأل الله العليّ العظيم أن يطهّر قلوبنا من العُلوّ والغُلوّ الذي يؤدي إلى التّسبب بالأذى والضّرر على الآخرين.
تمنياتي لكم بقضاء أيام سعيدة مع الجميع تخلو من كلّ السّلبيات التي قد تؤذي وتسبّب الضّيق للآخرين من أهلٍ وأحبابٍ.