2024
Adsense
مقالات صحفية

الكلمة تفعل

ماريَّة ناصر  الدهمانيَّة

لا أدري من قال ” راقب أقوالَكَ لأنَّها سَتُصبِح أفعالًا” ولكنِّي أؤمنُ بالمقولة إيمانًا تامًّا، هل بِوسعِ الكلمات أن تقوم بدورِ الأفعال؟
الكلمات يمكنها أن تُشرِّقك أو تغرِّبُك، الكلمات ترفعك عاليًا فوق الأفق وتارةً تهوي بك إلى مكانٍ سحيق لربَّما إلى أعماق البحار حيث لا تَجِدُ سواكَ أحدًا، أحيانًا تأخذ بيدك فترقى بك، وأحيانًا تدفعُك للخلفِ إلى حيثُ لا قيمةَ لك!

أحيانًا تذبحُك دون صوت، وتدفنُك دون مقبرةٍ أو جنازة ، ودون محكمةٍ جنائيةٍ عادلة، كلمة واحدة كفيلة بأن ترديكَ قتيلًا، تخيَّل كلمة واحدة! ، في المقابل قد تجعلك مجرمًا، وهي نفسَها الكلمة التي يمكنها جعلِك لا تتوقف عن التفكير بها لمئةِ سنة.
ألهذا الحد للكلمات سلطانٌ علينا؟ أم أننا نعطيها الكثير من الإهتمام حتى بتنا نضعهُا مقام الفعل ونحسب لها ألف حساب.

اسمع ما يُقال لك، فإنَّما نحن نقول لِنُسمَع!
ولكن في المقابل اعرف كيف تُنزِل الكلام في منازلِه الصحيحة دون مبالغةً أو إهمال، أحيانًا ينقدُ أحدهم سلوكًا فيك لا لشيء سوى لتتحسَّن، فاعرف يا صاح كيف تستغلُّ الكلمات التي تسمعها، فإن لم تكُن قائلها كن قائدها واعرف كيف تحرِّكها داخلك بناءً على الذي ينفعُك، وهنا أذكر قِصة الحافظ ابن حجر طرده معلِّمُه يومًا من حلقةِ التحفيظ بحُجَّةِ أنه لا يستطيع الحفظ! وخرجَ هائمًا على وجهِه حزينًا وكأنَّ همومَ الدُّنيا طُرِحَت على صدره، لكن لم يتوقف بل أصرَّ على الحفظ حتى أصبح إمام المحدثين في عصرِه، وقدوة لنا في عصرِنا.

وهذا الفاروق عُمر يقرأُ بضعَ آياتٍ من سورة طه فيؤمن، نعم الكلمة تجعلُك تؤمن أو تزعزع سلطانَ الإيمانِ في قلبِك!

وبالطَّبعِ لكلٍّ منَّا قِصَّتُه الخاصة مع الكلمات، وتأثيرها عليه، أنا شخصيًّا ما كنتُ لُأحبَّ الكتابة بهذه الطريقة لو لم تكتُب معلمتي يومًا على إحدى التعابير الكتابيَّة في مذكرتي ” يستحقُّ القراءة والنَّشر ” فكأنَّ الكلمة جاءت كالحجارة حركَّت الماء الراكد في عقلِي واستثارت همَّتي ويكأنِّي أراها كالسَّهمِ أصاب موضِعَ الإبداع في قلبِي ففجَّره.

يا صاح! زِن كلامَك قبل التفوه به فالكلمة إذا خرجت لن تعود، وأَنزل كلامَ الآخرين مَنزِلَه الصحيح تسلم.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights