الاستثمار الوحيد الذي لا يخسر ، تعرّف عليه !
إبراهيم بن علي الشيزاوي
هل سمعت عن استثمار لا يخسر ؟
عندما تأتي كلمةُ ” استثمار ” غالباً أن أول ما يتبادرُ إلى الذهن هو شراء العقارات او الاحتفاظ بالمعادن الثمينةِ كالذهبِ والفضة ، أو الدخول في سوقِ الأسهم وربما يذهب بعضنا بعيدًا مع الترند ويظن أن الاستثمار الناجح هو شراء (البتكوين) وأقرانها من العملات الرقمية ؛ وكلمةُ حق أن كلُّ ما ذُكرَ أعلاه استثمارات جيدة – ونوصي ببعضها – إلا أنها جميعا تحوي على مخاطر متفاوتة قد يقع على إثرها شيءٌ من الخسائر .
يبحثّ الإنسان- دائمًا – عنِ النجاح في الحياة بمطلقها العام ، وعن تحقيق أهداف مادية ، والوصول إلى مكانة وظيفية و اجتماعية تحظى بتقدير جيد واحترامٍ كبير ، فيعملُ على استثمار الموارد المادية المتاحة لهُ والمحيطة بهِ من أجل الانتقالِ بحياتهِ إلى واقع أفضل ومستقبل أجود ؛ فينظرُ حولهُ بحثاً عن الوسائلِ دون أن يدركَ أن الذوات البشرية هي الأرض الخصبة والمنطلق الرئيسي لكل نجاح .
أتزعم أنك جرمٌ صغيرٌ
وفيك انطوى العالم الأكبر
فأنت الكتاب المبين الذي
بأحرفهِ يظهر المُضمَر
وما حاجةٌ لك من خارجٍ
وفكرك فيكَ وما تُصدِر
( علي بن ابي طالب رضي الله عنه )
نعم ( استثمار الذات ) هو الاستثمار الوحيد الذي نجزم يقينا أنه لا يعرفُ الخسارة ، وهو اهم استثمار بل إنهُ الأساس المتين والقاعدةُ الرصينة لكل استثمارٍ آخر .
يعرَّف استثمار الذات على أنه : عملية تهدف إلى تطوير وتحسين الذات من خلال اكتساب مهارات جديدة لها شيءٌ من الشغف بداخلك ، مع تعزيز القدرات والمواهب الحالية الموجودة ، ويعتبر الاستثمار في الذات استثمار استراتيجي طويل الأجل يهدف إلى تحسين جودة الحياة لدى الفرد من أجل تحقيق المستهدفات الشخصية ، مع العلم أن الاستثمار في الذات هي عملية شخصية تعتمد على ذات الفرد وفيما يريد ، وتختلف من شخص لآخر وذلك بسبب التباين الفطري للقدرات ، والاختلاف في الميول والهوايات .
تكمن أهمية الاستثمار في النفس فيما يلي :
– تحقيق النمو الشخصي من خلال تطوير المهارات والقدرات الشخصية .
– التطوّر الوظيفي عن طريق اكتساب المعرفة المتخصصة في مجالٍ معيّن .
– الشعور بالرضا الداخلي كونك إنسانٌ يفيدُ ويستفيد ولست عالةٌ مستهلكة فقط .
– القدرة على الإبداع والابتكار.
– تحسين الصحة الجسدية واللياقة البدنية بممارسة عادات غذائية صحية متزامنة مع نصف ساعة من الرياضة – يوميًا – على أقل تقدير .
خطوات استثمار الذات :
– وضع الخطة وتحديد الهدف : إذ لابد من تحديد هدف واضحٍ وطموح مع خطة محكمة قابلة للتنفيذ من خلال خطوات عملية بأدوات متاحة .
– التعلّم المستمر : من خلال القراءة والمطالعة المرتبطة بالهدف المرجو ، مع حضور الدورات والورشات التدريبية التي تصقل الموهبة والشغف نحو الوصول إلى الهدف .
– التحفيز الذاتي : الذي يعتبر بمثابة الوقود الدافع نحو تحقيق المُراد والقوة الضاربة ضد التحديات والعقبات ، ولابد لصاحب الغاية ألا يجزع وأن يشعل فتيل العزيمة مرة تلو المرة كلما خَفُتَتْ ، قال صلى الله عليه وسلم : ( احرص على ما ينفعك ، واستعن بالله ولا تجزعن ) [ رواه مسلم ] .
– الاستمرارية : مثلما قلنا سابقًا أن الاستثمار الذاتي عملية استراتيجية طويلة تمتد إلى آخر لحظة في حياة الإنسان : ( إن قامت الساعة وفي يدِ أحدكم فسيلة فليغرسها ) [ حديث شريف / رواه احمد ] فلابد للعمل أن يستمر حتى وإن تعطلت نواميس الكون وأصبحت النهاية على مقربة ؛ نعم فإنه من غير المقبول على من أوكل الله إليه عمارة الأرض أن يتوقف عن العمل بسبب مزاجٍ سيء أو أزمةٍ عابرة .
إنه من الضرورة أن يستثمر الإنسان في ذاته ، فينميها ليحقق أقصى استفادةَ منها ، ليس المهم أن تصل إلى العالمية وإلى الأرقام القياسية بقدر ما هو مهم أن تُخرِجَ أفضلُ نسخةٍ من ذاتك .