خوله كامل الكردي
سلاح التجويع من أقدم الأسلحة التي استخدمها بعضهم لإخضاع الخصوم والنيل منهم، فمن لم يؤخذ بالحرب سيؤخذ بمنع الطعام والانتقام من أجساد الأبرياء والمكر بمن يدافع وينافح عنهم، وكأنه إعلان هزيمة مبطنة يقلبها إلى نصر على أمعاء خاوية وشفاه متشققة لشدة العطش، وحسبنا ما قرأناه من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم عندما حاصر المشركون الرسول صلى الله عليه وسلم ومن اتبع دعوته ووقف بجانبه في شعاب مكة ثلاث سنوات، ذاق فيها المسلمون صنوف الجوع والعطش والقطيعة والألم، ومات من مات ومن بينهم ارتقاء السيدة خديجة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى.
لا يمكن بحال من الأحوال أن يكابد الإنسان الجوع والعطش، ويتحمل رؤية أبناءه وأهله يتضورون جوعاً وعطشاً، وأسلوب التجويع من أخبث وأقسى الوسائل التي يلجأ إليها المنهزم، معتقدًا بذلك أنه سيعيد كرامته التي هدرت في أرض المعركة، تمامًا كما يحدثنا التاريخ عندما حاصر الصليبيون أهل عكا أربع سنوات وأدى في النهاية إلى قبولهم بهدنة جرت عليهم الويلات، بعد أن تم فتح أبواب أسوار عكا غدر بهم الصليبيون وأعملوا في رجالهم القتل والذبح، لكسر جيش صلاح الدين وإرغامه على الانسحاب وتنفيذ شروطهم. فالأخلاق والطبيعة البشرية تأنف تلك الأساليب الوضيعة التي تنم عن ضعف الطرف الآخر وجبنه. وتاريخنا حافل بنماذج حصار فرضه الأعداء على المسلمين في البلاد الإسلامية.
وفي عصرنا الحاضر الذي تجرد فيه العالم من إنسانيته، ورمي القوانين الدولية وحقوق الإنسان والحريات في سلة المهملات، وعجز المجتمع الدولي بل لا نبالغ عندما نزعم أنه تواطأ على حصار قطاع غزة وتجويعه بالصمت عن الأعمال الوحشية التي تقوم بها قوات الاحتلال الصهيوني بحق أهالي القطاع من منع عبور شاحنات المساعدات واستهدافها بالقصف والتدمير.
ومن خلال هذا المقال وعبر قلمي الذي أملكه ولا أملك سواه، نناشد الغيورين من المسلمين يهبوا لإنقاذ إخوانهم في غزة من مجاعة محققة وقتل ممنهج ومقصود، وقد بدت نذرها تظهر بوفاة بعض الأطفال الرضع وكبار السن لافتقادهم إلى الطعام والمياه النظيفة.
فهلا يستجيب أهل النخوة والشهامة في أرجاء العالم العربي والإسلامي ويكسروا الحصار الظالم، الذي فرض على أهل غزة لا لسبب سوى تمسكهم في حقهم بأرضهم والعيش بسلام وكرامة عليها مثلهم مثل باقي شعوب الأرض.
