الخواطر

حينَ تغْرَقُ أغاني المطر

  مريم الجابرية

المطر، آية ربانية تنعش الأرض وتجمّل المكان.
قطرةٌ فقطرةٌ، تجعل من قلوب العُمانيين خضراء، ومرهفة، وسعيدة جداً حدَّ الغناء بـ”ما علَّمكَ صوتُ المطر؟”

تتنوّع طُرق تعبيرهم عن هذه الفرحة، فتبصر لمعة عيونهم فتخبرك بأنك ولو طلبت منهم – في تلك اللحظة – المُستحيل لأتوا به حالاً مبتلّاً بماء السيل.
نعم، نحن – العُمانيين – كذلك حينَ نُغرم بأمرّ ما.

تلك الصورة الجميلة، تتلاشى بعد ساعاتٍ من الأمطار الغزيرة، فيبدأ وادي المُحموم في صحم بالهدير إعلاناً برغبتهِ في النزول، فتُحاولُ الوديان الأخرى كالوادي الكبير ووادي عدي في مسقط أن تشاركهُ تلك الاحتفالية.
تندفع بكل شوقٍ نحو البحر، كلٌ على حسب كمية الأمطار التي سقطت في منطقتهِ، تصادف في مجاريها التي اتخذتها منذ الخليقة، عقباتٌ تجبرها على التمرّد وتغيير المسار.

فتقفز فوق الشارع الأسفلتي رغم وجود فتحة بسيطة لتصريف المياه، وتلقي التحية على منزل أحدهم الذي اعتدى – مرغماً – على مسار الوادي.
أمّا عن السيارات المركونة على حوافّ المجرى فتحملها معها بكل جنونٍ لتلقي التحية على الدروب التي تحبها في طريقها نحو البحر.
المطر، ثم الوادي المندفع، يجبران ابتسامةَ الشعب العريضة على التلاشي، حينَ تبدأ حالات الغرق، والاحتجاز، والخسائر هنا وهناك بالظهور.

فتخرج الأصوات بالحديث المعتاد، أين التصريف؟ ولِمَ تمّ التعدّي على مجاري الأودية بتخبّط؟
وكأن من خطط الأحياء السكنية والتجارية، نسي أن الوادي العظيم قد يجري مسرعاً في طرقاته المعتادة غير آبهٍ بما صنعوا هم من سوء تخطيط.
رُبَّما قد ترى أماكن معدودة ذات تصريفٍ جيد، ولكنها لا تستطيع أن تجابه تلك الفيضانات العارمة.

حتى تعود بسمة الشعب؛ على كل الجهات التكاتف معاُ لجعل الأودية الجميلة التي تزيّن عُمان تعبر بكل راحة، فتشيّد لها المعابر الكبرى، وتحتجز بعضاً من مياهها في السدود الضخمة، وتصنع نظام تصريف في الشوارع، يعجّل من سرعة تلاشي الماء دون أيّ تجمعات مزعجة.
هذا التحدي لا بُدَّ أن يُنجز بحِرفيةٍ وهدوء.
حينها تعود معه بسمة الناس فيُردّدوا “أنشودة المطر”
مطر
مطر.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights