2024
Adsense
مقالات صحفية

لا تكن ليّناً فتُعصر، ولا قاسياً فتُكسر

حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة

يُنسب هذا القول لسيدنا الإمام علي عليه السلام، وتدلّ على ما يجب على الإنسان فعله من تصرفات حكيمة والاعتدال، وهي التعامل مع الآخرين، فكثيراً ما نمرّ بمواقف عديدة، فإن كُنّا ليّنين في التعامل، فسيستغلنا الناس، ويسيّروننا كما يشاؤون، ونحن من يتأذى في النهاية، وإن كنا قُساةً في التعامل بحدّ مبالَغ فيه، خسرنا مَن حولنا، وهناك أمثلة عديدة عن طُرق التعامل.

الطيبون دائماً ما يشتكون من سوء ردود الأفعال بسبب طيبتهم وتنازلهم عن أشياء كثيرة، فهم كثيراً ما يُراعون الغير ولو كان على حساب أنفسهم، كالراحة والوقت والمال وغير ذلك، وفي النهاية يحدث ما لا يتوقعون، فلا يُقدّرهم الغير، وكثيراً ما ينكرون معروفهم.

دائماً يواجهون سوء الظن مع مَن أحسنوا إليهم، وإن أخطأوا فقد تُنسف كل أفعالهم التي قدموها، لذا نقول: لا تكن لينا فتُعصر.

هنا لا نقول يجب أن يكون الإنسان قاسياً، ولكن في بعض المواقف والأحيان لا بدّ من إعطاء كل شخص حجمه الطبيعي، كي لا يظن أنه أكبر من حجمه ويبدأ بالتكبر علينا.

كما لا نشجع على القسوة، لأن القسوة تنفّر الناس من حولنا فنصبح غير محبوبين، ولن نجد من يمدّ لنا يد العون في حاجتنا، نعم نحتاج للاعتدال، فلا تعطي أكثر مما لديك، ولا تبذل جهداً أكبر من طاقتك، وكن متوازناً صريحاً ولا تبالغ في العطاء والثناء ولا حتى الاعتذار.

كثيراً ما نسمع ممن حولنا أنهم قد مرّوا بمواقف الجحود والإنكار مقابل الطيبة الزائدة، البعض يعتبرها سذاجة والبعض لا يراها إلا من أجل الحاجة، ويعتبر الطِيب خضوعٌ ومذلّة، لذلك كٌن متوازناً في كل شي.

في إحدى المقالات التي نشرتها في صحيفة النبأ الإلكترونية كانت بعنوان “أنا أولاً” تحدثتُ فيها عن أهمية إعطاء النفس الحق لأنْ تبدي نفسك أولاً، ومن ثمّ الآخرين، لماذا؟

لأنك إن أعطيت غيرك وأنت بحاجة، سيظن الغير أنها حق من حقوقه، وبالفعل إن قدمت ما لديك كله اعتبره الآخر واجب عليك ولن يثني على ما فعلته من أجله، بل سيظن أنك مجبر لتقديمه له بلا تقدير، ولن يعتبره فضل من عندك.

البعض يكون قاسياً في التعامل، أنانياً في كل شي، يأخذ ولا يعطي، وهذا النوع موجود بيننا وهذه الشخصية الجافة أيضاً ينفر الناس منها وغير محبوبة.

وقول سيدنا الإمام علي عليه السلام صالح لكل الظروف والأزمنة، وهو فنّ من فنون التعامل.

فإن كنتَ من أصحاب القلوب اللينة، فاحذر قبل أن تُعصر، وغيّر من أسلوبك في التعامل مع الناس، فلا تعطي كثيراً، لأن كثيراً ستؤلمك كثيراً، وإن كنتَ من أصحاب القلوب القاسية فاحذر أيضاً، فلا بدّ وأن يرقّ قلبك على مَن حولك، ولكن كما قلنا باعتدال وبدون مبالغة.

نعم عندما نتعامل بطِيب دائماً وبشكلٍ مبالَغ فيه، يتوهّم أصحاب القلوب المريضة أننا بحاجة لهم ولن نستطيع الاستغناء عنهم، وعلينا أن نتغير لكي يعي من حولنا أن طيبتنا نابعة من أخلاقنا وتربيتنا السليمة، ولسنا بحاجة لهم.

والقسوة ليست محمودة في غالب الأحيان، فهناك من هم يحتاجون لطيبتنا ومساعدتنا لهم، وعلينا أن نحتسب الأجر، ففي الابتسامة أجر عظيم وهي أسهل ما يمكن فعله.
عن أبي ذرٍّ رضي الله عنه، قال: قال لي النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تحقرنَّ من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق))

لذا نقول: لا تكن ليناً فتُعصر ولا تكن قاسياً فتُكسر.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights