نقطة التقاء
ناصر بن خميس الربيعي
الوصول إلى عقل الإنسان وإدارته تعدُّ من أصعب العمليات التي يضطلع بها الإنسان؛ وذلك لعدة أسباب منها: اختلاف التفكير، والبيئة المحيطة، ونمط الحياة المتفاوت بين بني البشر، ومع ذلك يمكن إيجاد بعض نقاط الالتقاء بين عقول البشر، وربّما يتحتم على الراغب في إدارة عقول الآخرين وتوجيهها الوقوف على هذه النقاط وتحسسها حتى يتسنى له استغلالها لصالحه.
بعد ممارسات طويلة في مجال التعليم أجد نقطةً مشتركة يمكننا من خلالها إدارة السلوك وتوجيهه توجيهاً مدروساً (التحفيز)؛ فكلما منحت الشخص المستهدف تحفيزاً استطعت إدارة سلوكه واكسابه معرفة جديدة.
ربّما لا يختلف اثنان على مسألة التحفيز وأهميتها في إكساب المعرفة وتعزيز السلوك، ولكننا نتفاجأ بعائقٍ آخر وهو استمرار التحفيز، كيف لنا أن نضمن التفاعل المستمر من قبل الشخص المستهدف؟
حاولت جاهداً الوصول إلى حلٍّ أراه يضمن استمرارية التفاعل من قبل الفئة المستهدفة، وهذا بحكم عملي كمعلم مهمته الأساسية تقوم على توجيه سلوك الطالب وإكسابه المعرفة المقررة عليه في المنهج الدراسي، والحقيقة أنني حققتُ تقدماً ملحوظاً في هذا الجانب، والفضل يعود إلى تطبيق استراتيجية التعلم بالتلعيب ( اللوعبة).
هذه الاستراتيجية حديثة في عالم التعليم تعتمد على المزج بين مكونات العالم الإفتراضي التقني في الألعاب الإلكترونية والتعلم وإدارة تفكير الطالب وتوجيهه إلى كسب المعرفة؛ وذلك من خلال الاستعانة بعناصر الجذب في الألعاب الإلكترونية وتطبيقها في الموقف التعليمي.
وقد لجأ المهتمون إلى هذه الاستراتيجية بعد ملاحظة الشعبية المتزايدة للإقبال على الألعاب الإلكترونية؛ فعكفوا على تحليل الأسباب التي تدفع إلى الانجذاب نحوها وإسقاطها على الموقف الصفي، وحسبما ورد في دراسة بحثية بالمملكة العربية السعودية بمدينة الرياض، حيث توصلت إلى حصر الدوافع الجاذبة إلى الألعاب الإلكترونية وعلى رأسها السعي للفوز في المنافسة والتحدي، وكذلك حبّ الاستطلاع للمجهول، والتخيل الذي يجعلك لاعباً مميزاً؛ وذلك من خلال جمع النقاط والصعود من مستوى إلى أعلى منه في اللعبة.
ومن المؤكد أن تطبيق هذه العناصر على العملية التعليمية سيمنحها أجواء نفس الأجواء في اللعبة الإلكترونية؛ وهذه هي نقطة الالتقاء بين العالم الإفتراضي والتربية.