سلطنة عُمان تحتفل بالعيد الوطني الرابع والخمسين المجيد المجيد
Adsense
مقالات صحفية

الصيام وصلة الأرحام

د. سعود ساطي السويهري
أخصائي أول نفسي

صِلةُ الأرحام صفة أساسيّة ومفهوم ربانيّ نصّ عليه ديننا الحنيف، ويكفي الرحم شَرفًا أنّ حروفها مشتقّة من لفظ الجلالة “الرحمن” ودليل على وجود الرحمة في قلب الواصل لرحمه، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال الله تعالى: “أنا الرحمن شققت لها اسما من اسمي من وصلها وصلته ومن قطعها قطعته”. رواه الترمذي وأبو داوود وأحمد وصححه الترمذي والألباني. وقال الإمام النووي في شرح مسلم:” صلة الرحم هي الإحسان إلى الأقارب على حسب الواصل فتارة تكون بالمال وتاره تكون بالخدمة وتارة تكون بالزيارة والسلام وغير ذلك”.

وإذا كان صوم رمضان يمنع عن الملذات من مأكل ومشرب وشهوة؛ فإنه يرمي إلى أسمى من ذلك كله، ألا وهو لين القلوب والرأفة والرحمة ووصل الأرحام التي تقطعت وتلاقي الأحباب والأقارب والأهل بعد الهجر، وصلة الأرحام تضاعف وتزيد من ثواب الصيام، وقد أخبر المولى عز وجل أن ثواب الصيام له وحده وهو يجزي به، فإذا أُقرن الصيام بثواب صلة الأرحام كان الثواب أجزل وأعظم.

وليس هناك فرصة أعظم من شهر الصوم لوصل من قطعت أرحامهم، حيث إن هذا التوقيت وهو وقت الصوم بمثابة تهيئة لصفاء النفس وتنقيتها من الضغائن وتطهيرها من الشوائب النفسية، فليتعقل كل مسلم، وليزن الأمور بحكمة وروية، فقطيعة الرحم كبيرة من الكبائر، وعقوبتها الطرد من رحمة الله تعالى، وليست هناك مبالغة في القول بأن الصوم يغير طريقة التفكير نحو الخلافات والانقطاعات بين الأهل والأقارب، والتهيئة لتقبل المسامحة والرجوع، ومحو التقصير.

فهنيئا لنا فريضة الصوم، ذلكم الفريضة التي تهيئ المسلم لنقاء القلوب وتصفية النفوس، وهنيئا ثم هنيئا بصلة الأرحام، تلك الصفة التي حري بنا أن نعود لرشدنا ونعاود ونتفقد أقاربنا وأرحامنا على قدر الاستطاعة، حرصا على الطاعة وحبا وشجاعة ودعوة بإقدام، وإزالة لما علق في النفس من خلافات، فالصوم فرصة عظيمة؛ لأنه يزيل صدى النفس ويجليها من صداها وركاكتها، ويفتح آفاقا جديدة، ومراجعة حساباتنا مع أنفسنا أولا ثم مع أرحامنا، وخصوصا إذا ما تذكرنا ارتباط ومقبولية الصوم الذي يعطي ثوابه رب العزة سبحانه وحده ويجزل له العطاء بمقدوره، وكيف يتخيل الصائمون صومهم وهم منقطعون عن ذويهم وأرحامهم، مقارنة بمن يصومون وهم يصلون الأرحام بالتوادّ والمعاودة والرحمة، فلا يستويان، والأحرى تحكيم النفس السوية بالفطرة والعظة والعبرة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights