د. سعود ساطي السويهري
أخصائي أول نفسي
التنشِئة الاجتماعية عملية تشكيل للأفراد منذ نُعومة الأظافر، وهي تعويد للطفل على اكتساب سلوكيات يرتضيها المجتمع كي ينتقل من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي مسؤول، له حقوق وعليه واجبات؛ وبذلك تتحقق نقْلة كبيرة في حياتهم تأثيرا وتأثرا، فالطفل منذ لحظاته الأولى تغلب عليه حاجات ودوافع ذات أصل فِطري تتحول بالتدريج إلى حاجات شخصية واجتماعية، ويتطلب ذلك تفاعلا عن طريق تعديل سلوك الطفل، وللتنشئة الاجتماعية وظائف تتمثل في تأكيد الذات واكتساب الشخصية وإشباع الحاجات، وضبط السلوك.
والحديث هنا يختص بأطفالنا الأعزاء، فأطفال اليوم شباب الغد والمستقبل، وكيف أن الصوم يقوم بإعداد هؤلاء الأطفال وتجهيزهم وبناء شخصياتهم؛ عن طريق التجريب والترغيب وبث روح التنافس والإقدام، بِدءً من تهيئتهم لاستقبال الشهر الكريم وتعليق الزينة والفوانيس كنوع من الربط بين الصوم والجانب النفسي والاجتماعي في هذا الشهر المبارك؛ وبذلك يستشعر الطفل دوره في المشاركة واتخاذ الدور الاجتماعي، وكذلك الرغبة في الصوم، وانتظار شيء محبب إلى القلوب، فينشأ هؤلاء الأطفال على شخصية متوافقة ومتكيفة نفسيا واجتماعيا.
وهناك العديد من الأساليب التي يتخذها الوالدان والمربون في تنشئة الأطفال على حب الصوم والشهر الفضيل مثل التدرج مع الطفل في صوم جزء معين من ساعات النهار، بحسب قدرات الطفل، وكذلك تعويده على الحرص على السحور، وبيان فضائله، والحديث عن جزاء الصوم وتخصيص باب الريان للصائمين.
إن الأسرة المسلمة الواعية ينبغي عليها فتح باب الحوار الأسري وتوضيح ماهية الصوم ومعناه الأسمى وليس المعنى المعروف بالجوع والعطش وفقط، وبهذا يغرس الوالدان روح العزيمة والإصرار في نفوس الأبناء؛ كي ينتظر الصوم بشوق وشغف واستعداد وترقب، ويتم المراد بتعريف الأبناء بمعاناة الفقراء وألم الجوع والعطش، مع التأكيد على ضرورة مكافأة الأطفال على محاولاتهم وتجربتهم للقيام بصيام اليوم أو جزء منه كنوع من الترغيب والتعزيز والمكافأة، وإدخال الطفل في أجواء رمضانية نفسية واجتماعية سوية وصحيحة، ولأن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر؛ فإنه من الضرورة توظيف فنيات التحفيز والتشجيع واتخاذ الدور، والإجابة على أسئلة الطفل وما يدور بذهنه عن الصوم، حتي تتم تنشئته وترشيخ ذهنه بجملة من المعلومات الصحيحة التي ينشأ عليها وتؤثر في شخصيته، وتصبح سمة في سلوكياته الششخصية والاجتماعية.
