على الأقل نَخافُ معًا!
طه جمعة الشرنوبي
شاهدنا ككل العميان ما يحدث في غزة، لا صوت يعلوا فوق صوت الرصاص، ولا شيء يُرى سوى الموت، ورغم ما يحدث ولا زال؛ كان الحب أحد الأسلحة التى لجأ لها شعب فلسطين.
رأينا صورًا نقلها لنا أموات يترجلون من مخيم إلى مخيم لزفاف بعض اللاجئين في المخيمات انتصارًا لحقهم في الحياة.
في زمن الحروب، تتحدى الإنسانية اختبار الحب وتحمله على عاتقها كنور يضيء الظلام الكثيف الذي يلف الأرض.
عندما تتساقط قذائف الحرب وتتصاعد أعمدة الدخان في سماء الصراع، يبرز الحب بوصفه اللغة الوحيدة التي تفهمها القلوب المنهكة. يعتبر الحب في هذه الظروف قوة فعّالة، تحقق معجزات تنعش روح الإنسان وتمنحه القدرة على التحمل.
قد يكون الحب في زمن الحرب قصة لشخصين محاصرين بين أطلال المدن المدمرة، حيث يتلاشى الحد الفاصل بين الحياة والموت. تتخذ الأحضان مأوى، وتتبادل العهود تحت ظلال الأنقاض، تحمل الأرواح عبء الفقد والانفصال، ولكن يظل الحب قائمًا كغيره على الأمل.
ربما يكون الحب في زمن الحرب أكثر تعقيدًا وعمقًا، حيث يواجه الحبيبان تحديات البقاء والبحث عن طرق للبناء في وسط الخراب. يكون اللقاء في هذا الزمان حدثًا يمزج بين الفرح والحزن، فقد يكون لحظة الوداع هي اللحظة الأخيرة.
في مواقف البساطة تكمن قصص الحب العظيمة في زمن الحرب، فقد يكون لمشاركة قلبك الدافئ مع الآخرين تأثيراً أكبر من أي سلاح. العطاء والتضحية يصبحان لغة الحب، وتكون اللحظات الصعبة هي الأوقات التي تبرز فيها قيمة الروابط الإنسانية.
في زمن الحرب، يتحول الحب إلى لحن مأساوي يُعزف على أوتار الألم والفقد. هو قصة مدهشة عن كيف يمكن للرومانسية أن تتسلل إلى قلوبنا في أحلك اللحظات، حيث يرقد الخوف والشك على أسرار الليالي المظلمة. هذا النوع من الحب يمتزج بروح التضحية والصمود، يلقى بظلاله على العلاقات وينسج خيوطاً من الأمل في أركان اليأس.
في لحظات الحرب، يتفتح الحب كزهرة شجاعة في أرض قاحلة. يمكن أن يكون للقاء العاشقين في زمن الحروب طابعٌ خاص، حيث ترتسم الابتسامات بين رذاذ الدموع، وتنثر الكلمات العذبة في أفق الخطر. إنه ليس مجرد تجربة عابرة، لكنه شيء يعلمنا أن نكون أقوياء في هشاشة اللحظات.
في تساؤل تميم البرغوثي حول “لماذا يُلِحُّ الحب علينا وقتَ الحرب؟” يكمن الجواب في عمق الإنسان وقدرته على إيجاد الجمال في ساحة الدمار. الحب يلهب في أوقات الظلام ليضيء دروب الحياة بنور الأمل، يجمع بين القلوب لتضاف إلى سطور قصة عظيمة.
“على الأقل نَخافُ معًا!” هكذا يرد فريد عمارة، يعبّر عن القوة الفائقة في تواجد الحب في زمن الحرب. يكون الخوف أقل حدة عندما يتشاركه الأحباء، يصبحون درعًا يحمون بعضهم بعضا من هموم الزمن العصيب.