أرواح أبنائنا الطلاب غالية عند مسؤولي التربية والتعليم
خليفة بن سليمان المياحي
لا أريد في مقالي هذا أن أكون مدافعاً عن وزارة التربية والتعليم ولا عن المسؤولين فيها ابتداءً من إدارات المدارس وانتهاءً لأعلى الهرم الوظيفيّ في هذه المؤسسة التعليمية الهامّة، والتي كانت وما تزال الراعية الأولى لمسيرة التعليم لأبناء السلطنة منذ أوائل السبعينات من القرن الماضي، مع اختلاف مسمياتها منذ نشأتها وحتى الآن، لكنني أعمل جاهداً لأكون منصفاً لها ولمن يلومها كثيراً على ما تقوم به خلال هذه الأيام من تعليق للدراسة بسبب الأنواء المناخية الاستثنائية، ويتجدد التعليق كلما أُعلِن عن منخفض جوّيّ جديد قادم، فالبعض يتذمر من قيامها بهذا الإجراء.
وإنني أشعر بكدر كبير حين نتّهم مؤسسة حكومية لها باعٌ طويل في هذا المجال بأنها تتهاون في العملية التدريسية، وأنها لا تكاد تسمع من الجهات المعنية لحدوث منخفض جوي حتى تبادر بتعليق الدراسة، وهي عندما تقوم بذلك إنما تقوم به احترازاً واحتياطاً، وحتى لا يتأثر الطلاب بأيّ سبب له علاقة بالمنخفض، كالغرق في البُرك المائية- لا قدّر الله – أو جرفٍ لمياه الأودية أو انزلاقٍ لحافلات نقل الطلاب وغيرها من المخاطر التي تحرص الوزارة على تجنبها والوقاية منها.
وهنا كان يجب أن نشكر الوزارة على هذا الاهتمام بابناءدئنا الطلاب، فهي تغلب مصلحة السلامة والأمان للطلاب، دون التفكير بما دون ذلك، كما يُفترض بنا أن نشيد بها والمسؤولين فيها لحرصهم الشديد على سلامة أرواح أبنائنا، فهي غالية عليهم كما أنهم غالين علينا.
ولا شكّ أن المسؤولين في الوزارة يجتهدون في تقييم الوضع تبعاً لِما يتلقّونه من معلومات حول المنخفضات من حيث مدى قوّتها والمواقع التي ستشملها (لكن كل ذلك يعدّ توقّعاً وليس خبراً جازماً، فالعلم عند الله سبحانه وتعالى).
فلو كانت التوقعات بنزول عواصف وأمطار ورياح قوية في ربوع البلاد لصدرت التعليمات بالتوقف عن الدراسة ليوم أو يومين بحسب الأيام المتوقعة للمنخفض، وإن كانت التوقعات في بعض المحافظات فهي تحصر التعليمات بتعليق الدراسة في تلك المحافظات فقط، وهكذا الحال منذ زمن، لكن للأسف الشديد، فإن ما يحدث الآن أن ينظر البعض إلى هذه اللفتة الإنسانية من الوزارة بأنه تهاون وتضييع للوقت وهدر للأموال، وكل تفكيرهم بأن المعلمين والمعلمات سيأخذون ذلك اليوم إجازة، وأنهم يتقاضون رواتب شهرية، فبالله عليكم هل أرواح الطلاب والطالبات أغلى مما يتقاضاه المعلمون من الرواتب؟
وهل المعلمون والمعلمات هم وحدهم من يأخذون الرواتب في وقت تعليق الدراسة؟ أليس جميع موظفي الدولة عندما تعطل الأعمال بسبب الأنواء المناخية يتلقون الرواتب؟
ثمّ لو قدّرنا أن الوزارة لم تعلّق الدراسة، وكانت هناك توقّعات بحدوث منخفض، ألا تُلام الوزارة فيما بعد لعدم تعليقها الدراسة؟ ويكون اللوم أكبر في حال تعرّض الطلاب لأيّ خطر، ومَن حينها سيدافع عن الوزارة.
إنني أرى أن ما تفعله الوزارة في تعليق الدراسة لأي منخفض كان (حدث أو لم يحدث) أنه إجراء سليم وصحّي، بل إن البعض يعدّه مطلباً لوقاية الطلاب والهيئات الإدارية والتدريسية بالمدارس من أيّ خطر قد يحدث لهم من خلال تنقلهم، خاصة إذا ما كان المعلمون والطلاب يسكنون بعيداً عن المدارس.
والحكمة تقول: (درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج).
فتوقّف الدراسة ليومٍ خيرٌ من وقوع كارثة تُلام عليها الوزارة كل يوم).