الحصان الأسود: المرأة الحديدية
خميس البلوشي
ما دامت مشكلات العصر تتلاحق وتتلاطم بصراعات فكرية مع الأيدولوجيا البشرية، كالحطّ من قدْر الرجل باستغلال جهده، وتحطيم كرامة المرأة بالجوع المشبع بالاحتقار والمَهانة، وتقزيم شخصية الطفل بالجهل، لم تحل بعد، وما دام الاختناق الاجتماعي ما يزال ممكناً في بعض البقاع وفي بعض النفوس، وما دام على ظهر البسيطة جهلٌ وبؤس، ستكون هناك حاجة إلى كتابة بعض الكلمات.
هذا ما أكّد عليه “تفيل هاوس” 1862م.
وتتمحور العديد من الكتابات حول الحياة الاجتماعية البائسة التي عاشها الفرنسيون، بعد سقوط نابليون في عام 1815م، والثورة التي حُكم عليها بالفشل ضد الملك لويس فيليب في عام 1832م، حيث يصوّر العديد من الكُتّاب المعاناة التي عاشها الفرنسيون من خلال شخصية “جان فالجان” الذي عانى مرارة السجن، وعانى أيضاً بعد خروجه منه.
وسنسلط الضوء في هذا المقال عن حياة شخصيات قابضة على يد من حديد – الشخصيات لا تمتّ بِصِلةٍ لأيّ شخصية قد تنطبق عليها نفس الظروف – على اعتبار أن المقال منسوج من وحي الخيال.
هذه الشخصية موسومة بالحصان الأسود: المرأة الحديدية، ومعاناتها، وتعرّضها لطبائع الخير والشرّ والقانون المُسلّط بأضواء الحياة الاجتماعية، أي المتمحور في السرد والقصص والروايات الاجتماعية، لإظهار معالم سوء التعامل بالأخلاق الفلسفية غير العادلة، كالدين، والأخلاق، والقيم، والعادات والتقاليد، والطبيعة الرومانسية النرجسية، والحب العائلي، وغيرها.
فحصاننا الأسود: المرأة الحديدية، يثير فضولاً في عالَمٍ مستوحىً من لحظات السماء الزرقاء، المرصّعة بالنجوم، يتناغم الليل بألحانٍ موسيقية خفيفة تُرافق تأمّلات شجر الزينة، وينساب الوقت ببطء في هذا الفضاء الخيالي، حيث تلتفّ الغيوم بأشكال غريبة، كأنها فراشات ذهبية تحلق في فراغ اللامحدود.
ففي هذا العالم الخيالي، يكون الحلم واقعاً يتشكل بألوان الطّيف، وتتراقص الأفكار في مهرجانٍ مذهلٍ من الأفق. يشكّل قلم الخيال، وريشةً ترسم لوحات غير مرئية على قلب الروح، وتحكي قصةً تفتح أبواباً لعوالم لا تعرف حدوداً جغرافية، وتتلاطم أمواج الأحاسيس في هذه الشخصية السرمدية ظاهرياً، حيث يتلألأ الحبّ كنجمةٍ لامعةٍ في سماء الخيال، وتتداخل الأحلام بأخرى كأوراق الخريف، وتتساقط برِقّةٍ على الطريق الذي يؤدّي إلى أفقٍ مجهول. وفي هذا العالم العجيب الغريب، تنساب الكلمات كأنها أنهار من الإلهام، تسقي بستان الأماني وتزهر براعم الخيال، وكما يتراقص الهواء بلطف مع أغاني الطيور الفضية، ويتلاطم اللغز المحيّر في الشخصية كأسماك الفضول في بحر الأفكار.
هكذا ترنو وتتشكل شخصيتنا في هذا العالم المتخيل بشكل لا يصدقه عقل، حيث يأخذنا التفكير في رحلة ساحرة إلى أبعد حدود الخيال، ويتيح لنا استكشاف عوالم لا تعرف حدود الواقع في شخصية حديدية، كحصان أسود جامح، لا يعرف مأوىً له في هذا الكون الواسع المتمثل له ببيداء قاحلة المعالم، ولا يدري، هل سيقف أم سيواصل السير؟ وإلى متى؟