2024
Adsense
مقالات صحفية

رحلةٌ تشرّف بها سيّد البشرية في ليلة الإسراء والمعراج

درويش بن سالم الكيومي

كم هي الكلمات عاجزة عن التعبير في هذه المناسبة العطرة! وكم هي الأقلام حنونة متشوّقة إلى سيرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان خُلُقه القرآن كما ذكرته السيدة عائشة رضي الله عنها.

نحن اليوم نحتفل بتلك المعجزة التي تشرّف بها سيد البشرية، هي حقاً معجزة يعجز عن وصفها اللسان، ومن هيبتها تقف الكلمات حائرة في وصف الرحلة الربانية، حيث يحاول الكاتب أن يدوّن على الصحف المميزة، يؤلف سطوراً ليشارك بها في هذه المناسبة الغالية على كل مسلم، ويكتب سيرةً من أجمل الذكريات. وسوف نروي لكم بعض المواقف التي رآها سيد الخلق في رحلته إلى السماء السابعة برفقة أمين الوحي سيدنا جبريل عليه السلام.

إن الله عزّ وجلّ اختصّ رسوله صلى الله عليه وسلم بالكثير من المعجزات الحسية والربانية منذ صغره حتى بلغ سنّ الأربعين، فبعثه رسولاً لأهل الخير ونذيراً لأهل الضلال، وكانت بدايته الرؤيا الظاهرة كفلق الأنوار الصباحية، وفي عالم الحسّ والخيال الواسع، كان يُحبّب إليه الخلوة، يتعبد في غار حراء، مجرى نزول الأنوار القدسية، حيث نزل عليه القرآن الكريم في السابع والعشرين من شهر رمضان، وجاءه الملَك جبريل عليه السلام فقال له: اقرأ، بهيبة وإجلال، فردّ عليه رسول الله: ما أنا بقارىء، فرددها عليه ثلاث مرات، ومن المعلوم أن نزول القرآن الكريم هو المعجزة الكبرى على الرسول عليه الصلاة والسلام، بالإضافة إلى معجزات أخرى أيّده الله بها في إظهار الصدق بنبوته، ومنها معجزة الإسراء والمعراج، التي يحتفل بها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها كل عام.

وقد حدثت معجزة الإسراء على الرسول عليه الصلاة والسلام في جزء يسير من ليلة من الشهر الكريم في السنه الحادية عشرة قبل الهجرة بعام وبضعة أشهر، وكانت ليلة الإسراء هي من المعجزات العظيمة ليُطلع الله تعالى سيدنا محمد على آياتٍ كبرى في السماوات السبع تكريماً له وتعريفاً بمنزلته عند ربه تبارك وتعالى، وحُجّة له على المشركين، وتأيداً له بظهور رسالته في العالمين، وتسليمه لنفسه مما أصابه من المشركين من أذىً في مكة المكرمة والطائف، ولَمّا أراد الله عز وجل إظهار منزلته شرّفه بآيات الإسراء والمعراج التي بدأ رحلته بها من المسجد الحرام بمكه المكرمة إلى المسجد الأقصى أُولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، قال تعالى {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ، لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} سورة الإسراء الآية رقم (1). فقد انطلق رسول الله راكباً دابة تُسمّى (البُراق) مُتجهاً إلى المسجد الأقصى برفقة أمين الوحي جبريل عليه السلام، وعندما وصل إلى ذلك المكان الطاهر التقى الرسول هناك بإخوانه الأنبياء عليهم السلام، وصلى بهم في المسجد إماماً، وفي ذلك دليل على فضل الرسول وعلوّ منزلته وقدره بين إخوانه الأنبياء، وكذلك على مكانة المسجد الأقصى في الإسلام، فهو أولى القبلتين، وهو أحد المساجد التي يقصدها المسلمون للعبادة .

وقد صعد الرسول صلى الله عليه وسلم من صخرة قريبة من المسجد الأقصى بصحبة سيدنا جبريل عليه السلام إلى السماء السابعة، قال تعالى {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ ● عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ ● عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ ● إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ ● مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ ● لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ} سورة النجم الآيات (من 13، 18) حيث رأى الرسول الكريم الجنة وما فيها من نعيم، ورأى النار وما فيها من عذاب، ورأى سدرة المنتهى، وهي شجرة عظيمة بالغة الحُسن والجمال، وجنة المأوى التي تأوي إليها الملائكة والشهداء المقربون. وأيضاً التقى الرسول عليه السلام في كل سماء عرج إليها إخوانه الأنبياء، ورأى جبريل عليه السلام على هيئته التي خلقه الله تعالى عليها، وفي تلك الرحلة فرض الله تعالى على أمّته الصلوات الخمس التي يحافظ عليها المسلمون. وبعد تلك الرحلة المشرفة رجع رسول الله إلى مكة المكرمة في ليلته التي أسريَ فيها، فلما أصبح أخبر قومه بما حدث له وما رأى في الرحلة فكذبوه، وطلبوا منه أن يصف لهم بيت المقدس فوصفه لهم وصفاً دقيقاً، ووصف لهم قافلة تجارية كانت قادمة من الشام إلى مكة المكرمة، وأخبرهم كذلك بوقت وصولها، ولكنهم بقوا على ضلالهم وكفرهم .

أما المؤمنون فقد زادتهم تلك المعجزة شرفاً عظيماً ومنزلةً وإيماناً وثباتاً على دين الإسلام، فقد ذهب المشركون إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأخبروه بما حدّثهم به رسول الله، فردّ أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
إن كان قال فقد صدق، فقالوا له: أتصدقه؟ فقال لهم: نعم إني أصدقه فيها فهو أعظم من ذلك، أصدقه في الخبر يأتيه من السماء، اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

وبهذه المناسبة العطرة، نُهنّئ حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه والأسرة الكريمة والشعب العماني، ونحن نتضرع إلى الله عز وجل بأن يعيد هذه المناسبة وأمثالها على جلالة السلطان أعواماً عديدة وهو ينعم بثوب الصحة والعافية، إته سميعٌ مُجيب الدعاء.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights