براء العويد: فن الإنشاد وقصة حياته الملهمة
حاورته: علياء بنت سعيد العامرية.
“في لحن الإنشاد تتلاقى أوتار الروح، وتتسارع الكلمات لترقص على لسان الجمال، إنه فن ينبض بالحياة ويروي قصة الوجدان بأنغامه الساحرة”، وفي حوارنا هذا سنسلط الضوء على نجم لامع في سماء هذا الفن الراقي وهو المنشد براء العويد..
براء بن محمد بن رشيد العويد، منشد سوري، انضم إلى عالم الأطفال من خلال التحاقه بقناة طيور الجنة. وُلد في الكويت ونشأ في بيئة تربوية مميزة، فهو ابن الصحفي والإعلامي التربوي محمد بن رشيد العويد. بدأت مسيرته الفنية من خلال تسجيل أناشيد لإذاعة المدرسة، وتخرج بتخصص نظم معلومات إدارية. حاليًا يعمل في إدارة الموارد البشرية في شركة بريطانية سعودية. يتميز فنه بنقل قيم إنسانية وقضايا دينية ودنيوية مستهدفًا الشباب. لُقِب ب “أمير الشام” و”بلبل الشام”.
عرف براء العويد نفسه بأنه شخص بسيط واجتماعي، وبأنه لا يحب التعقيد في حياته.
حول سبب اختياره لقناة طيور الجنة رغم انتشار قنوات الأطفال في تلك الآونة قال براء: تواصل معي الأستاذ خالد مقداد رئيس قناة طيور الجنة وأخبرني بأن القناة بحاجة إلى كوادر بدون تفرغ كامل، فأبديت موافقتي وبدأت بالمشاركة معهم بعمل عدد من الأناشيد الدينية الهادفة، ولم يؤثر ذلك على عملي.
سألته: من وجهة نظرك هل الانشاد مهنة أم موهبة؟
بابتسامة أجاب: الأمر عائد للفنان كيف يرى هذا الفن وما هو هدفه، ولكن بالنسبة لي أراه رسالة سواءا كان دعوي أو روحاني أو فرايحي، أراه رسالة تضيفها إلى الناس، وقد تكون سببا من أسباب التغيير الذي يعيشونه، وأكرر بأن الأمر عائد إلى نية المنشد وهدفه من هذا الفن. أضاف: ينقسم الفنانين إلى 3 أصناف، الصنف الأول: فنان ينشد بشكل مجاني تماما، والصنف الثاني: ينشد بهدف الرسالة وبهدف تقاضي المال، والصنف الثالث: ينشد من أجل المال، وأعرف أشخاص الإنشاد هو مصدر رزقهم، وأنا لا أحبذ أن يكون مصدر الرزق النشيد فقط؛ لأن ذلك قد يُفقد الفنان بعض مبادئه من أجل تلبية رغبات الجمهور فقط.
سألته: من أي الأصناف أنت؟
أجاب: من الصنف الأول، ولكني أحاول تغيير سياستي في الفترة الحالية بسبب عدم التقدير الذي حصل من البعض، وليشعروا بأن هذا الفنان له قيمته ولا يزهدوا به.
سألته: البومك حنايا قلب كان أيضا على حسابك الخاص أليس كذلك؟
أجاب بابتسامة لا تفارق شفتيه: نعم، وتقريبا كلفني حوالي 20000 دولار، ورغم ذلك لم أقم بتنزيله بسبب عدم رضاي التام على بعض الأناشيد أدائيا وتوزيعيا.
حول أحب أناشيده إلى نفسه أجاب براء: أحب أناشيدي بالنسبة للناس والتي أرى فيها نفسي كشخصية فكاهية: يا دلي، والباص، والاتكيت، أما أحب الأناشيد إلى نفسي فنيا: عيني تحن، هيلا يا رمانة، يا رب لولا رحمتك، بشكل عام أفضل الأناشيد الخليجية والعراقية.
قررت أن نتوقف قليلا لأتناول كوبا من الشاي وأستمتع بالأنشودة التي تحبها والدتي حفظها الله، ويفضلها أيضا المنشد براء العويد، والتي كانت من كلماته وألحانه، وهي: “عيني تحن”.
كلمات جميلة ولحن رائع كهذا لا يخرج إلا من شاعر متمكن، وهذا ما جعلني أتطرق إلى رحلته مع الشعر، وبداياته في هذا المجال.
أجاب: علاقتي بالشعر علاقة قديمة جدا ولم أكتب شيء جديد إلا بشكل قليل جدا، ولست بشاعر ولكني أزعم بأني أكتب شيء موزون لأني أمتلك أذن موسيقية ساعدتني على كتابة هذا النوع من الشعر، ربما بدأت الكتابة في عام 2000 كتبت أول قصيدة، كنت حينها في الجامعة، وأول قصيدة كتبتها كانت بسبب فتاة في الجامعة تبكي، وعرفت سبب بكاءها، فكتبت فيها قصيدة قلت فيها:
لما سمعتُ بكاءها .. أحسستُ قلبي ينكسر
لما رأيتُ دموعها .. وعلى فؤادي تنهمر
ما عدتُ أحتمل النّوى .. ما عُدتُ أقدر أنتظر
القلب يشكو بُعدها .. والعين ترنو للنظر
“سألته: هل هناك أناشيد أخرى أنشدتها من كتاباتك؟
أجاب: في ألبوم حنايا قلب أنشودة يا أمي، كتبتها وأنا في الجامعة.
يُقال بأن قناة طيور الجنة سابقاً كانت تحتكر النجوم، وهذا ما أدى إلى خروج بعض الفنانين منها، سألت براء العويد عن مدى صحة احتكار القناة للفنانين وهل مازالت تمارس هذا الاحتكار أم هناك تغيير في سياسة القناة؟
أجاب: هذا الكلام ليس دقيق، بالنسبة للاحتكار كان موجود في مجال الأطفال فقط، بمعنى أن المنشد الذي ينشد في قناة طيور الجنة لا ينشد في قناة أخرى للأطفال، كما أن الأناشيد التي ننشدها في القناة لا ننشدها في الحفلات والمهرجانات باسم القناة، وأرى بأن هذا طبيعي جداً، ولكن الإنشاد في المجالات الأخرى التي لا تتعلق بالأطفال هذا مسموح ولا يوجد به أي مشاكل أو احتكار، كما يمكننا الإنشاد أناشيدنا الموجودة في القناة ولكن ليس باسمها.
كل إنسان في هذه الحياة يمر بنقاط تحول قد تكون سلبية أو إيجابية، وبراء العويد مر بمرحلة صعبة في حياته وهي: وفاة والده رحمه الله وحول هذه النقلة الكبيرة قال بحزن: الإنسان حين يفقد شخص من أسرته الملاصقة له يكون الفقد صعب جداً لا يمكن وصفه، وبشكل عام الابتلاءت من الله عز وجل خير وبركة، ولكنها تضل صعبة جداً، وعلينا أن نرضى بقضاء الله وقدره.
هذا ما أثر علي بشكل كبير جداً، لم أتغير بشكل كبير ولكن الإنسان في مثل هذه المواقف يبدأ بالزهد في الحياة، وبالنسبة له لم يعد شيء مهم، وما الدنيا إلا دار فناء، والآخرة هي النهاية، وهي الحصاد الحقيقي.
خروجا من جو الحزن أنشد براء الأنشودة الأقرب إلى نفسي وهي: رحماك يا رب العباد.
أثناء الحديث عن أهم القيم والمبادئ التي يؤمن بها، أشار براء إلى أهمية التواضع والصدق، معتبراً أن الفنان يجب أن يظل واقعياً ومتواضعاً، وأن يكون لديه رسالة تنقلها للناس.
في الختام، قدم براء العويد رسالة للشباب الطموح، حثهم فيها على الاجتهاد والتفاني فيما يحبونه، وأكد على أهمية الاستفادة من الفرص التي تأتي في حياتهم، وختم الحوار بتلاوة آيات من سورة الواقعة.
هذه كانت لمحة عن حوار ممتع وملهم مع المنشد براء العويد، إنسان بسيط وموهوب، يحمل في قلبه حب الفن ورسالة تنطلق من الروح وتصل إلى قلوب الآخرين.