حراك تنموي واعد

محفوظ بن خميس السعدي
صُوْر (صُرْ في اللغة الفينيقية بمعنى الصخرة) والفينيقيون هم أهل تجارة، يجولون البحر المتوسط في القرن الأول قبل الميلاد، وبسبب ذلك كثرت كتابات المؤرخين والباحثين في البحث عن الشبه التاريخي بين صور العمانية وصور اللبنانية، اللتان ارتادا شواطئهما البحّارة الفينيقيين أثناء حِقب الزمن الغابر، أما اليوم فولاية صور تتربع عرش السياحة العربية لعام 2024م.
تقع ولاية صور في محافظة جنوب الشرقية، مشكّلة بذلك درّة الساحل الشرقي، وواسطة عقدٍ لؤلؤيّ للواجهة الشمالية الشرقية للوطن، تطلّ على بحر العرب من ناحية الشرق، وهي إحدى الولايات الخمس من ولايات المحافظة، ويبلغ عدد سكان المحافظة ( 315,445 ) نسمة حسب تعداد السكان والمساكن والمنشآت لعام 2020م، وهنا نترك لغة الأرقام، ولنبحر من مرفأ صور في سفينة فتح الخير الراسية في متحف فتح الخير الزاخر بالمعلومات والبيانات عن أنواع الاخشاب المستخدَمة في بناء هذه السفينة، التي جابت بحار العالم إلى أن رستْ بفضل الأهالي وبدعم من الحكومة في متحف فتح الخير، ولعلّ ما شدّني أن أحد أنواع الأخشاب التي ساهمت في صنع هذه السفينة خشب القرط، وهي إحدى الأشجار الشوكية التي تنمو في مناطق معيّنة في السلطنة، وهو مسمى قريتي، وما زال إبحارنا لم يتوقف، مستمرٌّ إلى عمق مدينة صور، نجتاز جسر العيجة، التحفة الفنية الزاهية في وسط الولاية، ونعبر من خلاله إلى خور جراما، حيث الهدوء يسود، وصفاء غروب الشمس المُسدل بأنوارٍ ذهبية على سطح ماء بحر العرب، ودعونا نعود مرة أخرى إلى مرفأ صور مجدداً، لننطلق من خلاله إلى خطة المحافظة لعام 2024 والمستهدفات التي تستهدفها، وذلك برفع نسبة تحقيق اللامركزية في الخدمات الحكومية، ورفع معدل رضا المجتمع عن الخدمات الإلكترونية في المحافظة، ورفع نسبة المسطحات الخضراء في المحافظة، ورفع نسبة الرضا عن الخدمات الأساسية في المحافظة، تلك هي بطاقة مستهدفات تتوسم فيها المحافظة بجهود مبذولة من قِبل مكتب محافظ جنوب الشرقية والقائمين عليه.
وبكل أمانة نجد أن رفع نسبة المسطحات الخضراء بمشروع زراعة التين والزعتر بمبلغ رأسمالي يصل إلى (382.000 ريال عماني) هو مشروع طموح حقيقةً، وسيساهم في جعل المحافظة على خارطة المورد العالمي لثمرة التين، وتحقيق الاكتفاء الذاتيّ من الزعتر، وسيسهم من خلال إيجاد مصانع وليس مصنع في توظيف الشباب العمانيين في حرفة ومهنة، وليست وظيفة وهي زراعة التين الذي عليه إقبال عالمي منقطع النظير، وهو بحقّ يُعدّ من أبرز الفرص الاستثمارية للمؤسسات الحكومية بالمحافظة، وإلى جانب هذا المشروع هناك فرص استثمارية لمشاريع متعددة، منها مشروع منتجع الديار رأس الحد بولاية صور، ومشروع إنشاء منتجعات في ولاية جعلان بني بو علي، ومشاريع الاستزراع السمكي، ومشاريع إنتاج الخضروات والفواكه وغيرها من المشاريع التي جاء ذكرها في سياق ندوة جنوب الشرقية.
حِراكٌ تنمويّ واعد في الندوة التي عُقدتْ يوم الإثنين في الخامس والعشرين من ديسمبر 2023م بولاية صور بالتعاون مع جمعية الصحفيين العمانيين، بإجمالي قيمة المشاريع الاستثمارية على المحافظة بصفة عامة ( 2,6 مليار ريال عماني). فالمحافظة بجملة هذه المشاريع تُعدّ من المحافظات الواعدة في رفد الاقتصاد المحليّ والتنمية الشاملة والنهضة المتجددة التي تشهدها البلاد، بفضل الرؤية السديدة من لدنْ جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد، بالعديد من المشاريع الاستراتيجية إلى جانب المشاريع الإنمائية بالمحافظة، ولعل الإنجازات التي تحققت في عام 2023م هي الدافع والمحرك الأساسي نحو التعجيل بوضع هذه الفرص الاستثمارية موضع التنفيذ، ومن تلك الإنجازات على سبيل المثال لا الحصر:
تنفيذ دارسة استشارية لتطوير خور البطح بولاية صور، واختيار ولاية صور عاصمةً للسياحة العربية لعام 2024م، وتأسيس شركة أهلية بالمحافظة بالتعاون مع فرع غرفة صناعة عمان بالمحافظة، وغيرها من الإنجازات، ولعلّ أهمها على الإطلاق اختيار ولاية صور العفية عاصمةً للسياحة العربية، التي ستشهد خلال الأيام المقبلة زخماً من الفعاليات والأنشطة التي تتمحور حول المعالم السياحية وثرائها وتنوعها الجغرافيّ والطبيعيّ، ومن تلك الفعاليات مهرجان الشرقية السينمائيّ الدوليّ الذي سيعطي للصورة المرئية كلمةً في وصف جمال الولاية.