التدخين خطر يهدد حياة الإنسان
درويش بن سالم الكيومي
إن التدخين بكافة أنواعه يُعتبر من العادات السيئة في المجتمع العربي والإسلامي، وقد انتشرت ظاهرة التدخين بصورة رهيبة وتفاقم ظهورها حتى أصبح التدخين خطراً يهدد حياة الإنسان، بل حياة البشر على وجه الارض بشكل عام، فيجب علينا أن نساهم في القضاء على هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع، كلٌّ بحسب موقعه، في الأندية الرياضية والمدارس والجامعات والجمعيات الأهلية والخيرية والفِرق التطوعية والمساجد والمجالس والمحلات التجارية، من خلال التوقف عن بيع السجائر.
فكيف لنا أن نعيش في مجتمع تفوح منه رائحة التدخين الكريهة؟ وكيف لنا أن نجالس أناساً وهبوا أنفسهم لمحلات التبغ المختلفة وانحرفوا عن المجتمع وعقيدته السمحاء، وانصرفوا إلى عادات المجتمع الأوربي الذي تكثر فيه المنكرات بكافة أنواعها، ويسعون جاهدين لرصد تحركات شباب المسلمين وهمهم الانحراف عن الدين والسلوك وعن العادات والتقاليد التي يحتفظ بها المجتمع، قال تعالى {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين} الآية رقم (195) من سورة البقرة.
ورد في الحديث الشريف عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما معناه (إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن، وبينهما مشتبهات لا يعلمهنّ كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد أستبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحِمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حِمى، ألا وإن حِمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) رواه البخاري، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا شك بأن التدخين يُعتبر في عصرنا من أشد الأمراض الفتاكة انتشاراً وأكثرها خطورة على البشرية، بسبب تزايد عدد الذين يَلقون حتفهم أو يعيشون حياةً نفسية مليئة بالأمراض والأسقام المزمنة جرّاء التدخين والإدمان عليه، يفوق عدد الذين يلقون حتفهم نتيجة الأمراض الخبيثة والعياذ بالله منها:
الطاعون والكوليرا، والجدري، والسل، والجذام والتيفود، مجتمعة في كل عام.
إن التدخين بكافة الأنواع المنتشرة مثل السجائر والشيشة والجدو والمضغة والنشوق وتمباق والسويكة وأوراق الغليون والقات كلها تؤدي إلى جلب أمراض عديدة، وقد ظهر نوع جديد من التدخين يسمى بالشيشة الإلكترونية، والتي تُفقد المدخّن صوته بسبب تجمع سوائل سرطانية في الحنجرة، ويخضع بها المصاب إلى عملية فتح وتركيب جهاز للصوت حتى يستطيع التحدث أو النطق، وقد يصل به ذلك إلى مضاعفات أخرى لا تُحمد عقباها على صحة الجسم.
إن التدخين والتعود عليه يؤدي إلى 90% من جميع حالات الرئة و75% من جميع حالات التهاب الشُّعب الهوائية وحالات انتفاخ الرئة، بالإضافة إلى تقلص شرايين القلب والذبحات الصدرية وجلطات القلب، كذلك نجد التدخين يسبب جملة من السرطانات في جسم المدخن مثل سرطان الحنجرة والمريء ويشترك مع مواد أخرى تسبب سرطان الجهاز البولي والجهاز الهضمي وسرطان الرئة وسرطان الشفة وسرطان الفم وسرطان الحنجرة، وأيضاً يؤدي إلى الصلع وتساقط الشعر، كما يؤدي إلى مضاعفات كثيرة بالنسبة للأجنة في بطون الحوامل. فالتدخين بصورة عامة يؤدي إلى الإضرار بالمدخن بل يساهم في تلوث البيئة وتلوث الجو الأسري، فيصيب غيره بالأضرار الصحية عندما ينفث الدخان من فمه، وعلى سبيل المثال تجد أطفالاً في بيئة مليئة بالدخان يعانون أشد المعناة من أمراض مختلفة متكررة في الجهاز التنفسي مثل الأنف والجيوب الأنفية والحنجرة.
وللأسف ترى المدخن لا يستحي من نفسه، يدخن أمام اطفاله داخل المركبة ولا يبالي بالأضرار التي يسببها عندما يستنشقون الدخان وزجاج المركبة مغلق، وكم من سائق شوهد بهذه الصورة البشعة والأسرة والأطفال لا يحركون ساكناً، فالأب يدخن وينشر سمومه على فلذات كبده. وقد أوضحت الدراسات بأن التدخين يقتل 205 مليون شخص مدخن كل عام، إنه رقم مفزع كونه يصل إلى هذا العدد من ضحايا التدخين.
كما أن الذين يلقون حتفهم بسبب التدخين بلغوا أضعاف ضحايا الذين يتناولون المشروبات الكحولية والمخدرات، ويرجع السبب إلى انتشار التدخين في معظم الدول.
نسال الله بأن يأخذ بأيدي المدخنين الذين بدلوا نعمة الله إلى نعمة الصحة والعافية، وأن يهدي قلوبهم للعودة إلى الطريق المستقيم، لأن نعمة الصحة والعافية لا تعوض، ونأمل من المحلات التجارية التوقف عن تبيع السجائر والتبغ إلى فئة الشباب حتى لا ينجرفوا وراء رفقاء السوء في إهمال صحتهم الغالية، والإدمان على السجائر والمعسلات وغيرها من الأصناف التي تجلب لهم ولأجسامهم الأمراض والأسقام المختلفة وبدون سابق إنذار، ترمى بهم على أسرّة المستشفيات ومن ثَمّ إلى الموت البطيء والعياذ بالله منه.