لا بد من التمكين الفعلي للمرأة العُمانية
محفوظ بن خميس السعدي
أعزائي القراء.. ينظر إلى هذا الموضوع الذي سيتم التطرق إليه في هذه العجالة على أنه موضوع واسع ومتشعب ومعقّد، ويحتاج إلى مجلدات للإلمام بكافة جوانبه، ولكن بالنظر بشكل دقيق وفاحص نجد أن الموضوع من اليسر بالشيء الكثير، ويحتاج أن نفهم بعضنا فيه فقط، ولا يمكن أن نترك فيه مجال للتأويل وعدم الانحياز في زاوية ضيقة والنظر إليه من زوايا متعددة وليس زاوية واحدة، وبدون استطالة الموضوع، ألا وهو تمكين المرأة العُمانية.
الداعي من طرح هذا الموضوع هو انعكاس للنتائج الصادرة عن اللجنة العليا للانتخابات للحاصلين على مقاعد العضوية في انتخابات مجلس الشورى للفترة العاشرة خلال الفترة من 2023م إلى 2027م، وهم:(90) عضوًا بزيادة أربعة أعضاء عن الدورة التاسعة لانتخابات مجلس الشورى يمثلون (63) ولاية بعدد (27) ولاية لها مقعدان وعدد (36) ولاية لها مقعد واحد؛ استنادًا على العامل الديمغرافي لتلك الولاية، وقد نتج عن تلك النتائج مؤشر هام جدًّا ألا وهو انعدامية وجود مقعد شاغر للمرأة في مجلس الشورى للأربع السنوات القادمة وهي فترة عمر المجلس المنتخب حاليًا، ولكي لا يتطور ويصبح أمرًا اعتياديًا لا بد فعلًا من التفكير مليًّا في تمكين المرأة العُمانية في كل المجالات وهو مطلب تنموي لا جدال فيه، صحيح أن المرأة ساهمت مساهمة فعلية في إنجاح العملية الانتخابية وهو نوع من التربيت على الكتف للتخفيف والتهوين من عدم فوزها في السباق الانتخابي؛ مما ينم عن ذلك أن الأمر يحتاج إلى تكاتف الأيادي للعمل الجدي في سبيل تمكين المرأة.
وهنا أؤكد أن الإشكالية في الفوز والحصول على مقعد لعضوية المجلس بعيدًا عن المحاصصة التي تسمى (الكوتا) وليس في الترشح والانتخاب أي إشكالية، حيث تشير الأرقام الصادرة عن التطبيق الرقمي (انتخاب) إلى أن عدد الناخبين المشاركين في التصويت الفعلي بلغ (496) ألفًا و(279) ناخبًا وناخبة بنسبة بلغت 88.65% منهم (258) ألفًا و(847) ناخبًا بنسبة 16.52%، و(237) ألفًا و(432) ناخبة بنسبة 84.47% من إجمالي الناخبين المسجلين في السجل الانتخابي البالغ عددهم (753) ألفًا و(690) ناخبًا وناخبة، وقد صوتت المرأة بكثافة في محافظة ظفار بنسبة كبيرة بعدد 35 ألف ناخبة، بينما الأعلى من حيث المجمل في نسبة التصويت كانت في محافظة شمال الباطنة، ولم تأخذ المرأة فيها نسبة عالية من كثافة الصوت وقس على ذلك في باقي المحافظات.
وهنا تدل الأرقام دلالة واضحة على أن مشاركة المرأة بنسبة كبيرة في العملية الانتخابية، ولكن في جانب الحصول على مقعد لعضوية مجلس الشورى هذا الجانب يشوبه العديد من الانتكاسات وعلامة استفهام حول الخطوات والجهود التي بذلت في إعطاء المرأة مكانتها في العملية التنموية في البلاد منذ خمسين سنة وأكثر، وعلامة استفهام أخرى حول تلك الجهود المبذولة من جهات معنية بالمرأة وشؤونها لم تأتِ بثمارها، والتي كان من المفروض أن تنعكس على هذه العملية الوطنية الشعبية في اختيار ممثلين للمجلس من المحافظات، ودعنا نتساءل هنا: لعل في طرح السؤال يكون بداية الحل، وهي أسئلة كثيرة حول أهمية ودور جمعيات المرأة العمانية التي تصرف لها مبالغ من وزارة التنمية الاجتماعية، وأيضًا الجهات التي تعني بالمرأة: أين هي، وما هي الأدوار التي ينبغي عليها القيام بها حيال هذا السقوط المدوي لعدم وجود امرأة واحدة في عضوية مجلس الشورى؟! مما يدل على أن جناح التنمية غير قادر على التحليق نحو العطاء والبذل على الرغم من أن المرأة لها حضور قوي في مراكز قيادية في الدولة، وهذا لا غبار عليه، ولكن كانتخاب طبيعي وأيضًا القياس والتمحيص والاختبار والتدقيق على تلك الجهود والأهداف والرؤى التي وضعت في جانب تمكين المرأة العمانية، وأيضًا على الجمعيات والمؤسسات التي لا بد من مراجعتها ذات بعد ومدى زمني بعيد لكل ما تم في عملية تمكين المرأة العُمانية على مدى سنوات.
ومن هنا أقترح لحل هذه الإشكالية الآتي، أولًا: إلغاء جمعيات المرأة العُمانية في المحافظات، وثانيًا: إلغاء يوم المرأة العُمانية، وثالثًا: إنشاء ملف تمكين المرأة العُمانية ومن خلاله يتم إنشاء هيئة تمكين المرأة العُمانية وتضم فيها المرأة الريفية وشؤون الأسرة والطفل، وأيضًا كل ما يتعلق بالمرأة من كل الجهات الحكومية الخاصة في كافة المجالات الرياضية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتدعم من المبالغ المخصصة سابقًا لجمعيات المرأة العُمانية والمخصصة للاحتفال بيوم المرأة العمانية، ورابعًا: عمل دراسات عملية وتطبيقية ودقيقة ومعمقة عن ماهية الأسباب التي نجمت عن عدم ترشيح المرأة للمرأة؟، وأيضًا دارسة حول المرأة والعادات والتقاليد في المجتمع العُماني، ودراسة علمية عملية حول أدوار المرأة وانجازاتها وحوكمة الأداء للمرأة المنتجة والمعيلة للأسرة والعناية بها، ومجابهة حركات التحرر والنسوية التي أضرّت كثيرًا بصورة المرأة وهي دخيلة ولا يوجد لها أساس في المجتمع العُماني، وخامسًا: تمكين المرأة فعليًّا من خلال الالتحاق بدورات وحلقات عمل في المؤتمرات التي تعني بالمرأة والسكان والطفل داخل وخارج السلطنة.
وفي الختام أقول: إنّ التوجه الحميد الذي اختطته الدولة نحو تمكين المرأة العُمانية من نافذة الخطوات والإجراءات التي تم اتخاذها فعليًّا منذ إنشاء الدولة العُمانية العصرية الحديثة والتي تحوي الجميع دون تفرقة أو تمييز لا بد لها من الاستمرارية، ولا بد من لها من عامل ودافع قوي للتمكين من أجل عُمان للجميع.