أبطال غزة، أخجلتمونا بأخلاقكم في السلم والحرب
خليفة بن سليمان المياحي
ماذا عساي أن أقول في حق إخواننا الأبطال الأشاوس من أبناء غزة العزة، وفلسطين الأبية، فهم الكبار بأخلاقهم، الكبار بعطائهم، الكبار بمعاملتهم الإنسانية وبنهجهم القويم وتمسكهم بالعقيدة والدين.
أبناء غزة الكرام : لي الشرف أن أعبّر عن مشاعري التي تختلط بين الأسف والحزن الشديدين لِما حدث لكم من القتل والتهجير والتجويع والتدمير والألم بكل أنواعه، وبين الفرح الكبير بانتصاراتكم التي شهد لها العدو قبل الصديق، إن إملاءاتكم وشروطكم التي أجبرتكم عدوكم على قبولها من خلال الهدنة الإنسانية، ونجاحكم الكبير في الإفراج عن عدد من أسراكم من النساء والأطفال، هي محلّ فخر واعتزاز للعرب والمسلمين في أرجاء المعمورة.
وإن طوفان الأقصى طوفان له ما بعده، وغزة قبل السابع من أكتوبر ليست غزة لما بعد ذاك التاريخ، لقد أحييتم فينا العزائم الوثابة، وأيقظتم فينا الهمم الجياشة، وكنتم خير قدوة لنا في السلم والحرب، فقد كنتم في الحرب تتمسكون بقيمكم الإسلامية، ولا تحيدون عنها قيد أنملة، فلم تقتلوا طفلاً، ولم تعتدوا على النساء، وكنتم تعاملون أسراهم أفضل معاملة، فأثّرت فيهم أخلاقكم العالية، وحُسن صنيعكم، وقد شاهدتُ عدداً من الأسرى على شاشة الجزيرة وهم يودّعونكم وكأنهم قد استاذنوكم من ضيافة قدمتموها لهم، وليس كأنهم من أسراكم،
أيّ أخلاقٍ هذه التي تتعاملون بها؟ وأي روحٍ من الصفاء والنقاء التي تختلج مشاعركم؟
إن كانت هذه معاملتكم لأعدائكم فكيف بربكم تكون لأصحابكم وأصدقائكم؟ وقد عبّر الكثير ممن أسرتموهم عن إعجابهم بحُسن معاملتكم لهم خلال ضيافتكم لهم (ولا أقول أسركم لهم) فإن خُلقكم الرفيع ومشاعركم الإيمانية تمنحكم حبّ الجميع، فكنتم خير من يُقتدى به في السلم والحرب، وقد أخجلتمونا بأخلاقكم العالية، ومعاملتكم الحسنة، واتّصفتم بحِلم القادر وهو الحلم الصحيح .
وختاماً، أسال الله تعالى العليّ القدير أن يمّدكم بالنصر والتأييد، وأن يتقبّل شهداءكم، ويشفي جرحاكم، ويفرج عن أسراكم يا رب العالمين.
وأخيراً أقول: تحية من القلب أزّفها عبر الأثير إلى ذلك الشهم الهُمام الملثّم أبو عبيدة المقدام، فقد وضع لنفسه في التاريخ بصمةً مشرّفة، وسيظلّ أبناء الإسلام يتعلمون من ارتجاله في الحديث، ومن واختياره للعبارات، ومن صوته المدوّي الذي يستمع إليه الملايين دروساً، وستظل خالدة في ذاكرتهم إلى الأبد.