فلسطين، وزمن الخيبات الإسلامية والعربية
سالم بن سيف الصولي
على لسان أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تَجِدُون النَّاسَ مَعَادِن: خِيَارُهُم فِي الجَاهِليَّة خِيَارُهُم فِي الإِسْلاَم إِذَا فَقِهُوا، وَتَجِدُون خِيَار النَّاس فِي هَذَا الشَّأْن أَشَدُّهُم كَرَاهِيَة لَه، وَتَجِدُون شَرَّ النَّاس ذَا الوَجْهَين، الَّذِي يَأْتِي هَؤُلاَء بِوَجه، وهؤلاء بوجه).[صحيح البخاري].
ألا يا نائم الليل كيف المنام يطيبُ
الموت حق ولكن الشتات صعيبُ.
(الإمام علي بن الحسين)
فلنحمد الله سبحانه وتعالى أن وهبنا قائداً عظيماً صاحب عقل كبير، ذي نظرة بعيدة، رجلٌ سيخلده التاريخ في سجل العظماء، شهم، أبعد سلطنة عُمان وأهلها عن فتن التاريخ، ولم يلطّخ يداه بدماء الأبرياء والمسلمين من العرب وغيرهم، وقد سار على نهج سلفه، وكما يقال: “خير خلف لخير سلف،”، فالنهج الحسَن يبعدك ويبعد بلدك ويحببك إلى الله وخلقه؛ لذلك اتضحت مواقف العرب تجاه القضية الفلسطينية، وأن سببها ليست أمريكا وحلفاءها، بل اتضح جليّاً أن أساس عرقلة القضية الفلسطينية نابع من بعض بني جلدتنا كما أثبتته هذه الأيام، والحدث الأخير الذي يبين لنا أساس المشكلة، ومن هي بعض الجهات المساعدة للصهاينة، فإذا هم من بعض حكومات العرب أنفسهم، ولكن دون أن نعمّم، إذ بالطبع ليس كل حكومات العرب، ولكن كما نرى من وجهة نظرنا أغلبهم. وباعتقادي أن هذا عار علينا، إذ إن قضيتنا وقضية الأمة والحرم القدسي الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى سيد الثقلين، أليس هذا عار علينا يا أمة “لا إله إلا الله”؟ بل هي مهزلة من مهازل التاريخ.
قال تعالى في محكم التنزيل: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}. [سورة المجادلة آية:(22)]. هذة الآية الكريمة توضح لنا معادن أهل سلطنة عُمان، فأهل الغبيراء الذين قال فيهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث أخرج الإمام مُسلم في صحيحه من حديث أبي برزة الأسلمي؛ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى حي من أحياء العرب مبعوثاً فسبوه وضربوه، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم:” لو أنَّ أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك”؛ فهذه الصفة التي يحملها أهل عُمان وحكامها على مرّ الزمان وهي صفة من صفات صحابة النبي صلى الله عليه وسلم.
والتاريخ الحديث يذكّرنا بالخلاف الذي حدث بين الأشقاء أهل اليمن في التسعينيات من القرن الماضي، عندما وقع الخلاف بين قُطرَي الجنوب والشمال اليمني، فكانت هناك قوة مشكّلة بقيادة السلطان الراحل قابوس بن سعيد-طيب الله ثراه- وكان إلحاحٌ عليه بتحريك تلك القوة باتجاه اليمن، لكن الزرع الطيب لا ينبت إلا طيبً، فأخّر تحريك القوة المسخّرة لفضّ النزاع، والقصد لضرب القطر الشمالي بقيادة الرئيس علي عبدالله صالح، وانتظر حتى وصل الحال إلى تفوّق القطر الشمالي على الجنوبي، فاستقبلت قادة الجنوب بكل رحابة صدر واحترام في دول الخليج العربية وفي مقدمتهما سلطنة عُمان، ولم تسِل قطرة دم من هذه القوة بحمد الله.
فلنتدارك ما بقي من التشرذم هذا، ونعيد الأمة إلى مسارها الصحيح، ونعيد الهيبة للأمة الإسلامية كما كانت.
فأسأل الله أن ينزل عذابه على بني صهيون الغاصب، كما نزل قضاءه على الأمم الطاغية التي عاثت في الأرض فسادًا؛ كقوم عاد، وثمود، وفرعون وهامان، ومن مشى على شاكلتهم جميعًا.
فلتبقَ فلسطين حرة أبية، شامخة لا تحطمها الخيبات، ولا تخاذل المطبعين من الأمتين الإسلامية والعربية، ولا مكائد بني صهيون ومن ساندهم. يقول تعالى:{…وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)}- [سورة الحج].