2024
Adsense
مقالات صحفية

إن الصبر نصر

 

 

لولوة القلهاتي

{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ ۚ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} الآية (111) سورة التوبة.

لأولئك الذين لا يتلون القرآن، وإن تلوه لا يتدبرونه، وإن تدبروه لا يفقهونه، أقول هذا وعد الله الحقّ، مكتوبٌ عند اليهود في توراتهم، وعند النصارى في أناجيلهم، وعندكم في قرآنكم، فعلامَ التشكيك والريبة من وعد ربكم؟

ليس وهماً ما حدث يوم السبت العظيم في يوم عيد المظال اليهودي، بل هو حقيقة ساطعة، ونصرٌ بكل معنى الكلمة، ومعجزة في زمن قيل أنه لا معجزات فيه.

{لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَد ۝ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَاد} آل عمران:196-197.

فالكيان الصهيوني لن يعود كما كان أبداً. ومن الآن سيبدأ عدّاد الخسائر في العد.

من الآن سيعيد كل صهيوني يعيش على أرض فلسطين المغتصبة التفكير في جدوى العيش على أرضٍ لا أمان فيها، وخاصة أولئك الذين عاشوا الرعب الحقيقي يوم اقتحم عليهم المقاومون الفلسطينيون بيوتهم وأخذوهم من مساكنهم التي كانوا يظنون أنهم فيها آمنون، هؤلاء بالذات سيفكرون بشكل جادّ جداً ونهائي في العودة إلى أوطانهم الأصلية التي هاجروا منها إلى أرضٍ توهّموها أرض ميعادهم، فما رعوها حقّ رعايتها، بل نكّلوا بأهلها وأخرجوهم منها.

ومن زاوية أخرى للمشهد فإن المقاوم الفلسطيني قد ذاق حلاوة النصر ولن يهمه ما يكون من مرارة بعدها. هذا المقاوم دخل إلى أرضٍ كانت محرّمة عليه، بسياجٍ وجدار عازل، دخلها بسلاحه وجاس خلالها وتجوّل وغزا وعاد، في صورة بالغة الدلالة أثبتت للعالم أن ما يسمى إسرائيل ما هي إلا نمرٌ من ورق، صُنع لإخافة الأطفال ليذهبوا للنوم. والذي لا ينتبه له الكثير من الناس، أن صوت إسرائيل قد خفت وحلّ محلّه صوت أمريكا الشيطان، الذي يتلبّس إسرائيل، وكانت تعمل تحت مظلته وباسمه وتنفذ أوامره، وقد كشف طوفان الأقصى عن أن إسرائيل المستقلة كذبة كبرى عاش وهمها الإسرائيلي الساذج، الذي صدّقها وجاء ليستوطن أرضاً ليست له، ولم يفهم أنه مجرد سلاح تسخدمه أمريكا والغرب لخدمة مصالحهم، وأن اليهودي سيبقى كما كان عبر تاريخه كله، وقوداً لمحارق الغربيين ونزواتهم وعنصريتهم، وأنه قد نجا من الهولوكوست الألماني ليدخلوه في هولوكوست أخرى في الشرق الأوسط، حتى تبقى يد الغرب نظيفة، ويبقى الكائن اليهودي مجرد كائن وظيفيّ، يؤدي وظيفةً معيّنة ومحددة له سلفاً، ومن ثمّ ينتهي دوره في المشهد بانتهاء المهمة التي وُظِّف من أجلها. ولمزيد من المعلومات حول (المجموعات الوظيفية) أتمنى على المهتمين قراءة الموسوعة اليهودية للدكتور عبدالوهاب المسيري رحمه الله.

ولكلّ من يقول: هل سينتصر الفلسطينيون؟ أقول: أن الفلسطينيين انتصروا وانتهى الأمر. وأن المعارك من الآن لن تكون من خارج الكيان، بل ستكون كلها في الداخل، فقد نُخِرَ هذا الداخل وأكلته الرمّة وملأته التجاويف، وفي بضع سنين ستتهدم جدرانه جداراً تلو جدار، ويومئذ يفرح المؤمنين بنصر الله. وعلى اللذين يؤمنون بالله حقّ الإيمان أن يجاهدوا في سبيل الله بأنفسهم، فإن كان ذلك يتعذّر عليهم للظروف التي يعلمها الجميع، فلا أقلّ من أن يجاهدوا بأموالهم نصرةً لدينهم ولإخوتهم في الدِّين والقومية والإنسانية، وأن يدفعوا من أموالهم ما يواسون به المكلوم، ويحملون به الكَلّ، ويعينون به المحروم، ويداوون به الجرحى والمرضى، ويكسون به العريان، ويسقون العطشان. فكلّ هذه مصاريف تذهب إليها أموالكم في ظرف قاسٍ كهذا الذي يمر على غزة وأهلها، وقد تكالبت عليهم الأمم، فجاهِدوا بأموالكم وألسنتكم ودعائكم وصلاتكم، واعتذروا إلى ربكم لعلكم تُرحمون.

 

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights