2024
Adsense
مقالات صحفية

جولة في قرية زولة بولاية الرستاق

درويش بن سالم الكيومي

تمتاز القرى الجبلية بالكثير من المعالم الأثرية والسياحية والمناظر الشتوية، حيث إنها تنفرد بتلك الطبيعة الخلابة، عندما تقع القرية على جانبَي الوادي الذي يداعب الأجواء بذلك الطقس المعتدل، ويعكس للطبيعة جماليات السفوح الخضراء، وسمفونية المياه المستمرة في مسار واحد، إنني أتحدث في هذه الجولة السياحية عن قرية زولة، اسم على مسمى، حيث أطلق عليها هذا الاسم من واقع حقائق عُرفتْ بها منذ قديم الزمان، وهو من الأسماء الغريبة والملفتة للانتباه، واسم مشؤوم في اللهجة المحلية، ولكن من يتمعن به أكثر ويقترب منه سوف يرى حقيقته الطيبة التي انفرد بها عن مسميات باقي القرى.

لقد اشتُقّ اسم القرية من كلمة الزوال، وهو نهاية الشيء ورحيله عن الوجود، وقيل عنها بأنها آخر قرية تودّع الزوال، أي غروب الشمس بولاية الرستاق، كما قيل عن اسمها بأنه يطرد الهمّ والحزن والنكد، وكذلك بمعنى التفاؤل بزوال الكروب وحدوث الفرج وانشراح الصدر بعد المشقة والعناء من ظروف الحياة، وتُعتبر زولة هي إحدى قرى محافظة جنوب الباطنة، وتبعد عن مركز الولاية (28) كيلو متراً، ويمكن الوصول إليها بواسطة الطريق المعبد القادم من ولاية الرستاق مرورأ بقرية خفدي ذات المركز التجاري، ومن ثمّ تسلك الطريق المتّجه إلى وادي بني هني، وسوف تمرّ على أطراف القرى: الحشاه، الحيل، العقد، العقر، العمار، الغابة، المنازف، الزواجر، الخرصان، حويل السافل، حويل العالي، حتى تصل منعطف زولة أو الطريق الآخر المعبد الحديث القادم من نيابة الحوقين، وهو الأقرب مسافةً إليها (20) كيلو متراً، وقد استبشر برصفه كل الأهالي في وادي بني هني، والشكر موصول إلى الوزارة الموقرة، وقبل أن تصل سوف يمر بك على القرى وهي: المدينة، نزوح، السلم، وعندما تصل للجسر تنعطف يميناً وتسلك طريقاً ترابياً لمسافة 4 كيلو مترات حتى تصل حلة الطوي، وسوف ترى المزارع والأشجار إلى أن تصل إلى الحلة الجديدة، ومسجد العلامية.

ومن ثم تستمر إلى داخل القرية وتشاهد معالمها الأثرية والسياحية التي تتميز بها، مثل بناء الجدران القائمة بالجص والحصى على جانبي الوادي، ووضعت بها التصاميم الجميلة الرائعة، كذلك بناء المنازل بالطين، وقد تفنن من وضع بها لمساته الأخيرة منذ زمن الآباء والأجداد رحمهم الله، ورغم أنها قديمة جداً، وقد اندثر البعض منها، والبعض الآخر ما يزال يقاوم عوامل الطقس حتى الآن. وتقع منازل القرية على سفوح الجبال يسار ويمين الوادي المتّجه إلى الجنوب، ومن يصل هناك لا بدّ له أن يأخذ قسطاً من الراحة ويجلس في السبلة التي يبرز بها الأهالي من أجل تناول القهوة العمانية، وهي عادة يتمسك بها أهالي القرى الجبلية في تبادل الأحاديث الودية والحضور للمناداة في طناء النخيل بموسم القيض وغيرها من الأمور الأخرى، مثل التحضير لعملية تجميع مياه الفلج في مكان يسمى باللهجة المحلية (اللجل) فهو يقع أمام السبلة مباشرةً، وكذلك مراعاةً لوقت توزيع مياهه بكل دقّة وإتقان إلى كافة مزروعات القرية، وخلال الزيارة الممتعة.

وقد حدثنا عن قريته الفاضل: سالم بن مرهون الكيومي وهو من أبناء زولة حيث قال:
شكراً على هذه الزيارة الطيبة، لقد حظيَت قريتي ولله الحمد والشكر بمكرمات النهضة المباركة، وهي وصول التيار الكهربائي، وإنشاء محطة إرسال للهاتف النقال، وما زلنا ننتظر خدمة الإنترنت من الشركة الموقرة، وحفر رقّ للمياه التي تصل مجاناً للبيوت السكنية، ورصف الطريق مسافة (200) متر أمام مسجد العلامية، ونناشد الجهة المختصة الموقرة والمجلس البلدي بمحافظة جنوب الباطنة بتكملة رصف الطريق بمسافة 4 كيلو مترات، فالطريق كما ترونه ترابيّ، أهلكنا وأهلك المركبات، وأيام الأمطار تنقطع عنا الحركة من عدة أماكن، بسبب نزول الوادي، ولا يستطيع أبناؤنا الوصول إلى المدرسة حتى يكون الطريق سالكاً، فالطرق أصبحت من الخدمات الضرورية جداً، خاصة للقرى الجبلية.

وكما ترون بأن القرية شاسعة، ويفصلها الوادي إلى شقّين، وهذا ما يجعلها خصبة بوفرة مياه الشرب طيلة العام، وسقي المزروعات، بالإضافة لوجود أربع حلل سكنية هي: حلة العلامية، حلة السافل، حلة البلاد، حلة الطوي، وقد نزح سكان القرية بسبب وعورة الطريق حتى أصبح العدد الآن أقل من (200) شخص، موزعين على عدد الحلل السكنية، كما يوجد بالقرية ستة مساجد قائمة، مسجد العلامية، مسجد الخاضة، مسجد الطوي، مسجد اللجل، مسجد البلاد، مسجد حيل السافل، ويتردد عليها الأهالي لأداء الصلاة.

كذلك يوجد بالقرية أربعة مواقع أثرية وسياحية، وهي غور حقمي السافل، غور حقمي العالي، غور اللثبي، غور مطراح الزنج، وكلها أسماء محلية متعارَف عليها بين الأهالي، ومن أهم المزروعات التي تشتهر بها القرية:
النخيل بأنواعها المختلفة مثل النغال، الخصاب، فش طبق، الفرض، الخنيزي، قش سويح، قش الحجر، البرشي.
ومن الأشجار الظليلة فهي كثيرة مثل السدر، السمر، الثب، الحبن، والشريش، وغيرها من الأشجار الأخرى، وتُسقى كافة المزروعات بواسطة الأفلاج التي تشتهر بها القرية، ويصل عددها إلى ثلاثة أفلاج هي: فلج الطوي، فلج حيل البلاد، فلج حيل السافل، كما يوجد ثلاثة من الأودية تشتهر بها هي: وادي اللثب، وادي الحقمي، وادي الدقيق، وجميع الأودية تلتقي في وادي زولة الذي يمتد جريانه أثناء هطول الأمطار إلى نيابة الحوقين، ومن ثمّ يستمر إلى ولاية السويق بمحافظة شمال الباطنة.

ومن أشهر رجال الدين والعلم والمشورة والرأي بالقرية، وكان اكبر معمّر بالولاية، العلّامة غريب بن سعيد الكيومي رحمة الله عليه، الذي بلغ من العمر (130) عاماً، وكان معلّماً للقرآن الكريم. وتنقّل بين جامع البياضة بقلعة الرستاق وإماماً بجامع خفدي، وتدرّس على يديه الكثير من المشايخ والرشداء وحفظة القرآن الكريم والطلبة في قرية خفدي ومن ثمّ انتقل إلى إمامة المسجد هنا في قريته، واستمرّ بها إلى أن وافاه الأجل، رحم الله شيخنا الجليل رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.

قرية زولة بشكل عام من القرى السياحية الجميلة والخصبة بولاية الرستاق، ولا شك بانها تستحق الزيارة وقضاء يوم سياحي جميل فيها، حيث أنها تمتاز عن غيرها من القرى بذلك الطقس اللطيف، وهوائها العليل، والذي يميل إلى البرودة بعض الشيء خلال هذه الأيام من موسم الشتاء، يبتهج كل من يصل إلى زولة الرستاق، ومن يزورها سوف يرى منظرها وهي تعتلي سفوح الجبال، وأخذت موقعاً على طول مجرى الوادي.

 

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights