شيخَة بنت سهيل بن عوض الصوافية
لم تنفذْ الأبوابُ بعد، ولمْ أتمكَّن إلى هذه اللحظةِ من قرعِها كُلها؛ لكنَّها تحتاج صبرًا ووقتًا، والقلق يحاولُ أن ينالَ من يقيني كلَّ ليلةٍ، رُغمَ ذلك لتُعانقني مَعيتك وليربِّت على كتفي فيضُ طمأنينتك، ولتأخذْ بقلبيَ المُرتجف إلى رحاب أمانك، فأنتَ النُّور في ظلام التفكيرِ، وَأنت الدليلُ في غياهب الحيرة والعويل، مُدَّ ضعفي بقوتكَ وجزعي بصبركَ وغضبي المُتكرِّس في خبايا روحي بحلمك، يا الله نحنُ نحارب ألف ليلةٍ قاسيةٍ بكثرة الدعاء ما إن شَعَرنا بفتورٍ يأكُل أيّامنا نستعين عليك بصدق الخفاء وضبط النيَّة، ليس منّا من يقف بالمُنتصف، أو يميل عن جادّة الغرس، كلّما تعَثَّرَت خُطانا وَقَفنا، وكُلّما كَلّت قلوبنا ذَكَرنا، وكلّما ثَقُلَت أقدامنا عن المسير تذَكَّرنا قلب النّبيِّ –صلَّى الله عليهِ وَسلَّم- فقُمنا، وأكمَلنا رغم صعوبة الخُطى، لولاكَ يا الله وَلولا الاستعانة بك في كلِّ حينٍ، لولا الاستغفار والهرع إليكَ في الصلاة، والدُعاء ببكاء وخشوع، لا أعلم أين كُنّا سنذهب بهذه القلوب القلقة الخائفة! لولا دوام رحمتكَ بنا، والخروج المفاجئ الذي ينتشلنا بقُدرتكَ من ضيقِ تفكيرنا لواسع حولك وقوّتك لهلِكنا!
أعلمُ أنَّ كتاب الله –سُبحانه وَتعالى- هو عكَّازنا إن أسقطتنا الحياةُ يومًا، نحنُ نقاوم ألم هذه الحياة بالسجودِ، وَنحاربُ مليون ليلة قاسية بكثرةِ الدُّعاء ما إن شعرنا بفتورٍ يأكل أيَّامنا، نستعين عليه بضبط النيَّة وَصدق الخفاء، نُبتلى؟ نعم! نفقد نصف أجسادنا على حَافّة الطّريق؟ نكتب من دمع العيون كلمات عن الأملِ؟ نَمُرّ بكلِّ دقيقةٍ بشتاتٍ ثمّ هدوء؟ تعصف بنا الأفكار هُنا وهُناك؟ نعم! لكنَّنا تَزَيَّنا باليقين ثوبًا يستر عورة الضَّعف والذُّبول، أخذنا العهد على المحمل الجَدّ، فاشتَدّ، نعلمُ يقينًا أنّ بعد الليل بزوغ، وأنّ كُلَّ مُرّ سَيَمُرّ، أبَعدَ كل هذا نقف؟ بل سوف أروي السَّاعة بالصبرِ لجنَّةٍ خالدة.
لذلك تعرَّف عليه، إنَّك إذا عرفته سوف تحبُّه، وَإن أحببته فهنيئًا لكَ؛ لأنَّك سوف تسعى لطاعته بشتَّى الطُّرق، وَلا تبذل قُصارى جهدك في أداء العبادة فقط، بل ابذلْ كُلَّ جهدكَ واجتهدْ؛ رغبةً في أن تتعرفَ على علَّام الغيوب، وَتتوقُ له الروح وَتشتاقُ.
“اللهُمَّ علِّمني بالقرآن وَانفعني بالقرآن وَارفعني بالقُرآن” (أحبك ربي).
