2024
Adsense
قصص وروايات

بعض رجل.. ولم يصل بعد (ج1)

خلفان بن علي الرواحي

١- القهوة:
جلس على كرسيه ووضع هاتفه ونظارته على طاولة المقهى، وأحضر النادل له قهوته المعتادة، وضعها أمامه، ثم تناول الهاتف وبدأ جلسة التصوير لكوب الشاي من زوايا عدة.. تناول الكوب وارتشف رشفة منه، ثم وضعه. عدّل من جلسته وبدأت مرحلة النشر وهو يبتسم عندما يقوم بذلك.. لحظات وينهض ويدفع المبلغ المعتاد ويخرج.. لم يكن في محفظته غير ذلك المبلغ.. يفكر غدًا كيف سوف يشرب قهوته؟.. يرن هاتف.. يتناوله وينظر إليه فلا بد أنّ هناك طلبات من البيت.. يتردد في الرد ولا يجد بدًا من ذلك فالاتصالات متلاحقه.. عشاء.. “لا، ليس عندي مبالغ كافية.. طيب”.. يكررها أكثر من مرة ويغلق الهاتف.
يذهب لسيارته وهو يردد “لا بد أن أستعد للمحاضرة عندما أصل البيت”. يركب سيارته ويفكر، “ما كان الأفضل مبلغ القهوة أخذت به عشاء حتى نصف الكوب ما شربته..!”، ثم يعود قائلًا في نفسه “ما عليه.. المهم الكشخة والناس تعرف أني أعرف في الاتيكيت.. لكن باكر من أين سوف آتي بمبلغ القهوة..؟”. يحرك السيارة ويذهب.. ويقول “حتى غدًا تحل الأمور..”.

٢- بعض رجل:
خرجت من المحل، تحمل ولدها على حضنها بعباءتها المفتوحة وتحتها جلابية لحد أنصاف ساقيها، وقد لبست أسورة فوق الكعب.. لاحظت نظرات المارين لها.. حاولت أن تجمع شقي العباءة معًا ولكن غلبها الهواء.. تركتها ورفعت رأسها في تعالي.. وهناك بعض رجل ينتظرها بالسيارة.. لا يغير أمرا.

٣- الرقم الضائع:
أخرج هاتفه من جيبه.. ونظر فيه كثيرًا.. “بداخلك رقم عزيز عليّ ولكن لا أعرف أين كان؟”-ذلك حديثه لذاك الجهاز الصامت-، بدأ رحلة البحث في كل مكان لعله يجده.. هنا وهناك.. كل الملفات والصور والمذكرات ولكن عبثًا يفعل.. وقف غاضبًا وأوشك أن يرميه بعيدًا ولكنه تراجع.. وقال:”سوف أجده.. أتذكر جيدا بأني حفظته بداخله.. في يوم ما سأجده، وعندها سأخبر صاحبه بأني لن أنساه وأنه حاضر معي..”. فجأة رهن الهاتف.. تناوله فإذا به رقم بلا اسم.. صوت ليس بالغريب كان يسمعه سابقا.. الصوت كيف ناداه باسمه.. سكت.. وابتسم بكل فرحة وقال مخاطبا هاتفه: “لقد وجدت ضالتي.. هذا صاحبه..”. ثم أغلق الهاتف.

٤- فتاة المقهى:
في سيارته ضغط على صوت التنبيه بها.. جاءت تمشي كأنها طاؤوس بشعرها الأشقر.. وجعلت على اليمين منه مشبكًا على شكل وردة بيضاء وقد شدت على مفاتنها العلوية ببلوزة مزركشة بألوان جاذبة.. وصلت إليه.. انحنت وأوشكت تدخل رأسها وصدرها إليه.. رجعت.. وعينيه فيها.. انتظر طويلا.. جهز طلبه وحملته إليه.. وقدمته له.. ضحكاتهما تملأ المكان.. ناولها المبلغ ودس فيه ورقة بيضاء ورحل.. نظرت إلى ما في يدها وأخذت المبلغ ورمت الورقة بابتسامة صفراء.. فتح هو الطلب وبدأ يقضم فيه وكأنه يقبل تلك الفتاة ولكنه وقف.. ثم أحسّ أن طعمها رديء.. نظر للهاتف طمعا أن يجد شيئا منها يجعل ما يأكله أكثر لذة يجيب ظنه.. يقف على جانب الطريق مع أقرب سلة للمهملات ويرمي بالصحن.. ويواصل طريقه، وقال:”غدا سوف أعود لذلك المقهى.. أنه جميل”. يضع يده على الهاتف من جديد.. وفي نفسه يقول: “أصحاب المقاهي من أين يأتون بهذه الجميلات…؟! ثم يتتم بكلمات غير مفهومة.. وبعدها يقول:”هذا ما يجعلنا نعود إليهم…”.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights