2024
Adsense
القصص والروايات

رغيف أمي

سالم بن محمد المعشري

أنحاء البيت، ورنين الطوب يسمع الطارق بالباب، وكُحّة أمي التي لا تفارقها في أكلها ونومها وصبحها ومسائها.

وكُحّة أمي منبّهٌ اعتادت عليه كل يوم حين تنام وحين تقوم، هو مرض وابتلاء، والحمد لله حين يحبّ الله عباده فإنه يبتليهم، وعلى المؤمن الحمد والشكر والصبر في المرض، وهو اختبار من الله لعباده.

رغيف أمي حكاية بدأ منبعها من قريتها الصغيرة، تحكي قصة تفاصيل صوت المضخة ليجري في الفلج لسقي الزرع.

قفزت كُحّة أخرى من بيت الطين، لتلتصق في خال أمي الواقف على شجرة الشريش، راح به شريط الذكريات، تذكر جدتي حين ولدت بتوأم، أمي وأخوها رحمة الله عليه، التوأم الآخر الذي رحل بعد ولادته، فتح عينيه وأغمضها، وأكملت أمي صياحها، وبقيت جدتي مع دموع فراق مولودها.

طرقات الرغيف تدقّ مرة أخرى على صدى منجور جدي رحمة الله عليه، لفّ به الشريط عندما وُلدت أمي، بحثجدي في القرية لإحضار مرضعة لأمي، تسابقت المرضعات لكسب الأجر وما زالت جدتي على الفراش.

تذكرت العريش الذي احترق أمامها، حينها كانت تحلب الشاة، صرخت ورمت بوعاء الحليب وقالت: واه قلباه، وهرولت مسرعة، وأخذت طفلتها من المنزل وركضت بها لا إرادياً، حافية القدمين، دخلت مدخل المزارع ووضعت طفلتها بقرب الفلج، وطاحت أرضاً وأغمي عليها بعد ما أكل التعب منها، وابتلاع الدخان في صدرها، من يومها وجدتي تعاني من الكُحّة التي تلازمها.

مرّت جارتها أم عبدالله، وفوق رأسها ملابس للغسيل، وهي تمشي بين المزارع، والفلج على يمينها، رأتها مغشياً عليها، وبجوارها طفلتها تصرخ من الجوع، حملت الطفلة وأرضعتها حتى سكتت ونامت من التعب، بعدها أحضرت قطعة قماش وبللتها من ماء الفلح وعصرتها في جبين جدتي، فتحت جدتي عينيها وأغمضتها وقالت: أين طفلتي؟
تجيبها أم عبدالله: بخير والحمد لله.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights