بيني وبين نفسي
بشاير بنت سليم الرحبية
عند شرب كوب من القهوة.
وقراءة كتاب.
لربما هذا سرّ كافٍ ليدَعكَ تعيش وتنغمس بداخل هذا الكتاب.
بحر الكلمات والأحداث.
بحر الخيال شبه الواقعي.
بحر إلى عالم آخر لا يعرفه إلا القُرّاء.
عالمٌ من الجمال المحفور.
والأحداث المبتورة من الحقيقة.
تنغمس الأرواح كانغماس الليل والنهار.
وتداعب الفراشات أوراق الشجر.
كرسي، قهوة، كتاب، زهرة.
كل شيء بجانبني وهذا جيد.
جوٌّ ملائم، وأجواء سويسرية جميلة.
الفراشات تداعب خصلات شعري.
والقطة من خلفي تصدر صوتاً وكأنها تنبئني عن اقتراب وقت الشتاء الجميل.
والكلب يريد اللعب، وهو ينبح بقوة؛ لكي يخبر القطة بأن تركض قبل أن يهوي عليها.
قفزت القطة بقوة كبيرة إلى الأعلى؛ لكي تخبرني بأن الوقت قد حان لأن تبتعد وتذهب، ذلك لأن الكلب يريد اللعب وهي لا تقوى على ذلك.
دخلت إلى البيت لأن امي نادتني من بعيد، حيث حان وقت الفطور.
وأبي يبتسم بسرور وكأنه يبحث عن شيء، يبحث عن صورته مع أمي.
نظرتُ جهة اليمين، وتذكرتُ قصة والِدّي، قصة حبهما شبه النادرة في وقتنا الحالي.
والسبب كان حبّ أمي للورود؛ لأن أبي كان يزرع تلك الورود ويبيعها للناس.
كانت تهوى الورد كحبي له الآن.
كانت في كل صباح تأتي لمحل والدي، وتشتري باقةً من الورود، وتوزعها على الجميع، ومن هناك بدأت قصة حبهما.
بدأ الحبُّ الطاهرُ اللذيذ.
جميل هو الحبّ عندما يكون حبّاً عذرياً شريفاً صادقاً، ولكنني الآن لا أؤمن به.
خرجتُ من البيت والأفكار تتهافت عليّ من كل جهة، لا أستطيع الجلوس مع نفسي؛ فالأفكار والخيالات غير المحدودة تقدح مخيلتي.
ووجدتُ قهوتي قد بردت، وأخذتُ كتابي وانسحبتُ للداخل.