تحت ظل شجرة .. تذهب أحزاني
ناصر بن خميس الربيعي
شجرةٌ غسلتْ أحزاني، وطهّرت وجداني؛ لتعيدني نقياً متفائلاً بغدٍ مشرق، تزهر معه رغبات الحياة ومتطلباتها. تسمو تحت هذه الشجرة الأحلام، لتعانق السماء وتطير مع سرب القطا في المساء.
وما أزالُ أسير بين الأشجار، حتى يداهمني الليل بردائه الداكن، إلّا أن سواده لا يُبدد متعتي وأنا أتأمل جمال هذه الشجرة وجارتها.
تقسو علينا الحياة، لتمتحنَ صبرنا وشدة بأسنا، والكثير منّا يرسب في امتحانها، فيصيبه الإحباط والسأم من الحياة وتكاليفها، وإني لأجد في الشجرة ملجأً لتفريغ ما أُكابده من مشاعر سلبية، لأخرج من الخُضرة متجدد العزيمة.
أقف كثيراً مع قصص القرآن الكريم، ولطالما تأملتُ في قصة مريم – عليها السلام- عندما تأزّمت بها الإقامة مع أهلها، لجأتْ إلى الشجرة لتعود بعدها إلى مواجهة قومها بكل عزم، ولا أنسَ قصة يونس – عليه السلام- الذي تداركتْه رحمةٌ من ربّه، وإلا كان منبوذاً في العراء، فكانت شجرة اليقطين وسيلةً النجاة، ليعود بعدها لمواصلة طريقه.
فطر الله الإنسان على حبّ الخضرة أينما وُجدتْ، فجعل فيها قدرةً عجيبةً على إزالة الهموم والأحزان، وإراحة العين من عَنائها، لذا، لا تندهش عزيزي القارئ من تزاحم البشر على المسطّحات الخضراء، وتحت ظلال الأشجار، فكلّنا نعيش في عالم واحد فيه الفرح والحزن، فهي الأمور كما شاهدتُها دولٌ، من سرّه زمنٌ ساءته أزمانُ.