الاستعلاء والتكبُّر ..
سليمان بن حمد العامري
في مستهلّ الحديث، نعرض مقدمة من أقوال الإمام علي ابن أبي طالب كرّم الله وجهه قائلاً:
خُذ القناعة في الدنياِ ولرضَ بها، واجعل نصيبك منها راحة البدن، وَانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن؟
وأشارت إلى الصفتين الذميمتين: الاستعلاء والتكبر، هما سلوكان سلبيان ينتشران عند بعض الأسر والمجتمعات، حيث يؤديان إلى تشويه العلاقات الإنسانية وتعزيز الانقسام والفوارق الاجتماعية. يعكس الاستعلاء والتكبر سلوكاً تفاخرياً وتعالياً، ويؤثّران سلباً على نفسية الأفراد وأدائهم الاجتماعي.
ومما لا شك فيه أن هناك مظاهر وتأثيرات سلبية للإحساس بالاستعلاء والتكبر. ولهذا نوضح لكم موجزاً مبسطاً عنهما:
الاستعلاء يشير إلى الشعور بالتفوق والسيطرة والتميز عن الآخرين، والتعبير عن ذلك بشكل متعجرف ومستهي، .وأما التكبر فهو يعبّر عن الشعور بالتفوق والفخر ورفعة الذات، والتصرف بغرور وازدراء تجاه الآخرين، ولا شك بأن هناك أسباباً موصلة لهذه الصفتين الشيطانيتين، ومن أهمها:
العوامل النفسية:
منها الرغبة في التميز والانفراد بالاعتراف والثناء. وأيضا العوامل الاجتماعية:
مثل النموذج الثقافي والتربية، والتأثيرات الاجتماعية السلبية.
ومن الجدير بالملاحظة بأن ثمة تأثيرات سلبية للأفراد، وينتج عن ذلك العزلة الاجتماعية وفقدان الدعم الاجتماعي وضعف العلاقات الشخصية.
وهناك أيضاً في نفس الصدد التأثيرات السلبية على المجتمعات بين الدول، كزيادة الانقسام الاجتماعي؛ مما يسبب التفاوت الاقتصادي. وانعدام الإنصاف والعدالة وتراكم الكراهية والعداء والتوترات بين الأفراد والمجموعات.
ولذلك يجب الأخذ في الحسبان بأن الاستعلاء والتكبر يُعدّان مشكلة اجتماعية تتطلب تفكيراً هادفاً لتغييرهما.
يجب علينا تعزيز قيم التواضع والاحترام والعدل في المجتمعات وبين الأسر، ولذلك ينبغي تشجيع التواصل الفعال والتعاون الإيجابي. ونتيجة ذلك ستظهر فوائد عديدة من بينهما الوفاء والإخلاص والسلام والأمانة الاجتماعية.
وحريٌّ بنا أن نستشهد ببعض الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة المتعلقة بموضوعنا:
قال تعالى (وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ، وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ) (18) سورة لقمان.
ونهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن التكبر، حيث قال:
«لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسناً، فقال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس».