2024
Adsense
مقالات صحفية

مدرسة المائة عام

نانسي نبيل فودة

فهي ليست بالمدرسة المعتادة المتعارفة بيننا، محدودة الجدران، محددة المنهج، مجدولة الحصص معدودة الساعات؛ ولكنها مدرسة الدنيا الواسعة التي نعيش بداخلها، نتعلم منها الكثير والكثير، فالدنيا مدرسة يديرها الزمان، ومعلموها الأحداث والأقدار، وتلاميذها البشر، نتقابل غرباء، ونعيش أصدقاء أو أعداء، نمر بالكثير من العبر والعظة، منا من يعتبر وآخر لا يتعظ، تمر علينا أحداث مختلفة في أوقات متفرقة تجعلنا نكتشف أنفسنا لنصبح أكثر مهارة وحكمة لمواجهة المواقف والأحداث، فمنها الأحداث التي تمر مرور الكرام، ومنها المواقف التي تعادي حتى نقاتل ونتمسك بمبادئنا وأنفسنا وواجباتنا نحو غيرنا ومن نحب.

تحفر الدنيا بداخلنا الدروس الغائرة التي تزيد من أعمارنا نضجًا وحكمة وتجعلنا أكثر صلابة وثقة بأنفسنا، فقد خرجنا جميعًا إلى مدرسة الدنيا نضع أمامنا هدفًا لنتعلم ونغامر ونعيش من أجله، نجعل أنفسنا قدوة لغيرنا في هذه المدرسة تحكمنا مبادئنا الطيبة من صدق وثبات ورحمة وعظة ننمي أنفسنا بدروس الدنيا التي تمر علينا بين الحين والآخر فتجعلنا أكثر صلابة ووعيا؛ ليسهل علينا التمييز بين الكاذب والصادق، الظالم والمظلوم، الخائن والأمين، الطيب وبارع التمثيل، فليست حياة البشر مقرونة بعدد السنين التي عاشها، ولكن بعدد الدروس والعبر والحكم والمواقف والأحداث التي واجهته وتغلب عليها واستفاد منها وعمل بها، فقد تبدو لنا الحياة قصيرة وخاوية عندما نعيش لأنفسنا فحسب؛ ولكن عندما نعيش لتحقيق أهدافنا ونحافظ على من نحب، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت، وتمتد بعد مفارقتنا لوجه الأرض، فكن على قناعة أن الدنيا تجعلك تدون الكثير من الدروس والأحداث؛ لتضع كتابًا عميقًا يتهافت عليه كل إنسان يخشى من مواجهة مدرسة الدنيا الواسعة ويذهل بما فيها من مفاجأة.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights