من غرفة المراقبة ..
ناصر بن خميس الربيعي
بكل زاوية وامتداد وطول وعرض، بكل همة وجد، تعلو الهمم في أرجائها طوال العام الدراسي، مفعمة بالحيوية والضوضاء والصخب والنقاشات بين الطلاب والمعلمين، والٱن كأي غرفة هادئة مطمئنة مغلفة بالخوف من المجهول والترقب لأسئلة الاختبار التي تُظْهِر مكنونات الطلاب وخلاصة ما حوته عقولهم من معرفة.
الاختبار الذي سيرسم طريقك إلى المستقبل، فيضع خارطة الطريق، ويكشف معدنك الصلب، وربّما يقسو عليك في بعض الأحيان.
كنتُ دائماً أحس أن القاعة الصفية نموذج مصغر للحياة خارجها، وكيف للإنسان أن يتميز فيها، ويثبت نفسه بين عدد من المنافسين؟
قاعة من أربع زوايا تحدد مستقبل عدد من الطلاب فيا لها من قاعة، طالما احتفظتْ ذاكرتي بعدد من الذكريات تخص هذه القاعة، منها ما كان سبباً في دفعي للمزيد من الجهد ومنها ما أدخلني في حالة من الإحباط وكان هذا مرتبطاً بالمعلم المراقب الذي يمكن أن يكون سلاحاً ذا حدين.
نعم، فالمعلم يمكن أن يكون ملهماً للطالب ، بتوجيهاته ونصائح الثمينة، وهذا ما يتميز به معظم الزملاء في هذه المهنة العظيمة، ولكنني في كثير من الأحيان كنت أتعجب من تصرفات بعضهم التي تخلو من حسّ المسؤولية بعظمة الأمانة الملقاة على عاتقهم فأراهم يشتتون انتباه الطالب فيشغلون باله المكتض بالمعلومات وهو أحوج إلى التركيز والهدوء والسكينة.
وعليه فإني أوصيك أخي المعلم وأوصي نفسي بتذليل الصعاب وتوفير أقصى دراجات الهدوء والسكينة في هذه القاعة الملتهبة مصداقاً لقول رسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام : (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.