أهمية مهارات التواصل الفعال للناشئة
محمد بن سعيد بن محمد المكدمي
الأسرة هي نواة المجتمع وأساس تكوينه ومتى صلحت صلح المجتمع وقوي شأنه، ولا يستقيم شأن أي أسرة إلا بتنمية أفرادها التنمية الصالحة الحريصة على تربية أبنائها والأخذ بأيديهم نحو طرق الأمان والسلام والتعهد بإكسابهم عددا من المهارات التي تصنع منهم رجالا فاعلين في الحياة، ومن المهارات التي يكون حري بالنشئ معرفتها والأخذ بها مهارات التواصل الفعال، القائمة على الأسلوب اللطيف المتحلي بالأخلاق الحميدة والخصال الحسنة. يقول الحق سبحانه: (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ )- [من آية ١٥٩ آل عمران]، كما أن انتقاء الألفاظ والعبارات بأسلوب مهذب راق سبب لفتح قلوب كثيرة ولو استعصت، يقول الله تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)- [من آية ٨٣ سورة البقرة]، كما أن الإنصات الجيد واستيعاب ما يقوله الآخر دون المقاطعة أو الانصراف لشيء ما يعد سبيلا مهما لفهم ما يقال ووسيلة لجعل المتكلم يعبر عما يريد قوله بكل وضوح، يقول الحق تعالى :(الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)-[من آية : ١٨ سورة الزمر].
ومن ثم فإن وضوح الصوت واختيار النبرات المناسبة تعد مهارة ضرورية، مع العلم بأن الصوت المرتفع المزعج في بعض المواقف يدخل في قائمة سوء الاحترام، في حين أن الصوت المنخفض في مواقف أخرى ينم عن الضعف وانعدام الثقة بالنفس، فخير الأمور أوسطها، كما أن الحشو الزائد في الكلام، واستخدام كلمات ذات علاقة بالإعتداد بالنفس وتقزيم الآخرين صفات ينبغي التخلص منها على الفور لما تجعل من مثل هذه الشخصية ثقيلة وغير متقبلة، بالإضافة إلى الحرص على تناول مفردات وأساليب تتناسب ومستوى المتلقي.
وفي الأخير نقف على مهارة التفكير الناقد والتي هي وسيلة للوصول إِلى الصواب والرأي السديد، ومن خلالها يتم التمحيص في الشيء قبل القيام به وعدم التقبل لأي شيء يسمع وتحديد الصواب من الخطأ، فكم نحن بحاجة لها في زمن كثر فيه انتشار المعلومات، فالعقل الناقد والذهن المتفكر والقلب المتأمل وسائل للتمييز بين الغث من السمين والصالح والطالح، ولقد دعانا المولى جل جلاله إلى أهمية التيقن والتثبت قبل إصدار الحكم في قوله: (فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)- [من آية : سورة الحجرات].
ولنا في المثل العربي: “في التأني السلامة وفي العجلة الندامة”.
كل ذلك مهارات تأخذ بيد النشئ نحو شخصية متزنة واعية تسهم في رقي المجتمع وتقدمه والسير به قدمًا نحو أسمى الآفاق.