الجبل الشرقي بولاية الحمراء مقومات سياحية واعدة
كتب – حمد بن محسن العبري
الجبل الشرقي بولاية الحمراء
نظرا لما يتميز به الجبل الشرقي من مكنونات جيولوجية متميزة حيث الأودية الجميلة بأحجارها المختلفة الأشكال والأنواع وما بها من أشجار كالعلعلان والزيتون البري (العتم) والبوت الذي يشكل جانب اقتصادي لسكان الجبل، بالإضافة إلى عدد من الكهوف الجميلة جدا، فإنه لذلك يعد محط اهتمام استراحة ارض القمر التي تعد من أفضل الاستراحات في هذا الجبل وبالتالي سعت إلى دعم استكشاف ما يحتويه من إمكانيات سياحية لجذب السياح إليه.
ونظرا لذلك فقد قامت بالتنسيق مع بعض هواة المغامرات بالنزول واستخراج مكنونات كهف بركة الشرف وهو أحد الكهفين الذين يحتويه هذا الجزء الجميل الذي يعد الاسهل وصولا بمقارنته مع الجبلين الجبل الأخضر وجبل شمس، والكل بلا شك يمثلن جزء من جبال الحجر الغربي بسلطنة عمان.
بالإضافة الى ما ذكرت من أودية وكهوف فلا ننسى ذلك الفالق الكبير أعلى هذا الجبل بإطلالته الرائعة من أعلى الجبل إلى اسفله لتمتع نظرك ببعض القرى الجميلة في عمق الفالق مثل قرية هاط وقرية بلد سيت، وإذا امعنت النظر الى المناطق البعيدة من هذا الارتفاع سوف تتراءى لك بعض ولايات السلطنة كولاية الرستاق.
كما أن هناك بعض الأماكن التراثية التي لها تاريخها الغابر، فهناك بركة الشرف، وهي بركة باناها الأجداد على سفح الجبل لتجمع المياه وقت نزول الأمطار ليستفيد منها المارون في تلك الجهة، وهذا أسلوب سقيا اتخذه الأجداد في كثير من مناطق الجبل الاخرى، ولدى بعضها أوقاف لمتابعة صيانتها.
ثم أن هناك ضمن الأماكن الأثرية مسجدين أحدهما يسمى مسجد بركة الشرف والآخر أطلق عليه بعد إعادة ترميمه باسم مسجد أرض القمر.
الكهوف في هذا الجبل
في بداية حديثا عن الكهوف في الجبل الشرقي يقول الدكتور محمد الكندي وهو رئيس جمعية الجيولوجيين العمانية أنه يوجد في الجيل الشرقي كهفين هما كهف بركة الشرف، وكهف طوي العقبة، ولكلا الكهفين ميزته الخاصة وجماليته التي تختلف عن الاخر، وكلا الكهفين يحتاج الى مغامرين مهرة لنزولهما، ومن وجهة نظري تسويقهما مهم لجذب المغامرين.
وصف كهف بركة الشرف:
وللكشف عن الخبايا التي تغطيها صخور الجبل ومعرفة ما ببطن الكفين فقد قامت مكتبة الشيخ محسن بن زهران العبري الأهلية العامة بالتنسيق مع شركة روَحنا للمغامرات (شركة سياحية معتمدة من وزارة السياحة) حيث مثلها المغامرون (احمد العبري واحمد السالمي والمؤثر الكندي ومحمود الفهدي وعامر العامري وعبد الله الشرياني وراشد من إيران) وذلك للنزول إلى كهف بركة الشرف للاطلاع بما في بطنه من خبايا.
يقول المغامر احمد العبري لقد كانت فرصة طيبة لنا كمغامرين الاطلاع على الجديد من الكنوز في هذه البقعة الطيبة من عمان وهذا الكهف موقعه على بعد ما يقرب من 25 كيلوا من ولاية الحمراء من خلال الطريق المؤدي الى الجبل الشرقي ويقع على جرف أحد الاودية على بعد كيلو تقريبا جهة الشرق من استراحة ارض القمر، الوصول اليه عن طريق المشي بالأقدام.
وللاستعداد للمهمة قام عدد منا بالمبيت في الجبل والباقين انتظرناهم فجر يوم الرحلة حيث كان وقت الانطلاق بعد صلاة الفجر متجهين شرقا بحوالي كيلو متر واحد من الاستراحة واستغرقت رحلتنا منذ الانطلاق حتى العودة ما يقرب من ثمان ساعات حاولنا خلال نزولنا تسجيل ما بمقدورنا ملاحظته داخل هذا الكهف الذي يعد من الكهوف الرأسية بعمق حوالي 80 مترا.
من جانبه يقول المغامر أحمد محمد السالمي أن الاضاءة بعد النزلة الأولى يحتاج مصابيح حيث تنعدم الرؤية، أما التنفس حتى عمق الكهف فهو طبيعي جدا ولا يوجد اختناق أو غازات تضايق التنفس أما نزلات الكهف فهي خمس نزلات أطولها اول نزلة اذ يبلغ طولها 27 متر وباقي النزلات الأربع فهي مختلفة الاطوال الا أنها أسهل من الأولى ونهاية الكهف بركة عميقه ويوجد بها مجرى ضيق.
ويضيف المغامر المؤثر الكندي وهو أحد أعضاء جمعية الجيولوجيا العمانية قائلا: يعتبر الكهف من المعالم الطبيعية الجيولوجية، فهو عبارة عن فتحة تمر خلال العديد من الطبقات الرسوبية بباطن الأرض، أغلبها من الحجر الجيري الذي يعود للعصر الطباشيري من حوالي 140 إلى 100 مليون سنة (قطاع من “مجموعة كمه” ضمن تكوينات منظومة جبال الحجر)، وهذا النوع من الحجر له قابلية للذوبان المائي والحمضي المؤدي لتكون الكهوف والمغارات والمسامات. ويوجد صدع واضح له دور في المسالك المائية المؤدية لتكون الكهف، ولهذا الصدع دور طبغرافي أيضا في تشكل واتجاه فالق الوادي الذي يقع الكهف على ضفته.
ويقول تتضح من جدران الكهف طبقات جيرية رسوبية، بعضها يحتوي على أحافير بحرية من النطاق الذي تشكلت فيه هذه التكوينات قبل بروزها لاحقا على مرتفعات جبال الحجر ووجودها حاليا على ارتفاع شاهق يقارب 2000 متر فوق سطح البحر. وتتغطى جدران وسقوف الكهف في العديد من المواضع بتشكيلات من نوازل وصواعد كربونات الكالسيوم الناتج من الترسب المائي، بعضها ما زالت نجري وتتقاطر فيها المياه والبعض الآخر جافة وتدل على فترات كان فيها منسوب مائي أكثر وجريان شلالات جوفية في السابق.
أما المغامر محمود بن ناصر الفهدي فيقول أن الكهف ليس من السهل نزوله لغير المحترفين وإنما يحتاج إلى استعدادات وتجهيزات ومعدات متخصصة وناس ذو خبره في مجال المغامرات ومرخصة من قبل وزارة التراث سياحة لتجنب المخاطر والمحافظة على الكهف حيث أنه يعتبر إرث للأجيال القادمة.
ويقول المغامر احمد السالمي حول تسهيل النزول الى الكهف للمحترفين المتوسطين فان النزلة الأولى هي التي بها صعوبة لعمل درج، أما بخصوص النزلات الاخرى هي نزلات بسيطة ويمكن عمل درج لهن لأنهن غير معلقات، فقط النزلة الاولي التي هي ٢٧ متر تكون معلقة وبها صعوبة لتركيب الدرج اما باقي النزلات أمورهن سهلة، حتى النزلة الثانية بعض الاخوة طلعوها بدون حبل.
ويضيف المغامر عبد الله الشرياني ان مثل هذه الكهوف هي ثروة وطنية يجب المحافظة عليها وذلك بحمايتها بسور ووضع لوحة ارشادية لمن يزور المكان بها نصائح بالمحافظة على نظافتها وعدم العبث والتشويه لطبيعة المكان بالإضافة الى صعوبة النزول الى الكهف الا للمتمرسين بالتسلق الجبلي.
وخلال الاجتماع الأخير مع مجموعة المغامرين فانهم أفادوا انه من المهم جدا تسويق مثل هذه الكهوف للنزول اليها مع الاخذ في الاعتبار المحاذير الأمنية في النزول والصعود التي لا بد من تنفيذها من قبل مؤسسة متخصصة للعمل في مثل هذه الكهوف.
وفي نهاية الاجتماع شكرت إدارة مكتبة الشيخ محسن بن زهران العبري الاهلية العامة جهود المغامرين وتعاونهم لإظهار كنوز الولاية.