وليــدةُ الحبُ
عائشة الحبسية
وليــدةُ الحبُ
كم هيَ مؤذيــة ٌدقــاتُ القلبِ وخفقـــاتهِ عندَ الاشتياقِ.
عندمـــاَ تشتاُق لشخصٍ ما وهوَ بعيداٍ كلَ البعدِ عن محــورِ الشـــوقِ،
وقريباَ من هذيانِ الشعورِ ولذةِ الإحساسِ يثيرُ أمــواجَ الروحِ بــــالحنينِ،
تسترقُ من وليدةِ الحبِ اللحظاتَ الفسيفســاءِ المــليئةِ بالحياةِ..
تحـاكيِ بكلَ شــوقٍ عن صوتِـها المفقــودِ..
تحتضنُ اسمه ما بينَ سجــدةٍ وركعةٍ لعــلَ تسعدُ بنبضاتهِ
لتطمئنْ.
أدركتُ في أولِ دقيقةٍ كانت بينَ الازدحــامِ
تضاربتْ الأفكــاُر حينَ تعانقتْ العينـانُ
ارتبكت ْالشـفتانِ وتلعثمتْ الكلمـات ُبالحـروفِ..
ومازلتُ أجهلُ الكثيرِ والكثيرْ!
كيف استوطنتُ قلبيِ؟
وجعلتنيِ أُحِبُكَ.. وأعشقكَ حــدَ الجنــونِ..
أنا لا أريدْ من الحبِ إلا البدايــةِ
الحبُ الذي لــمْ تسبقْه هفواتناَ ســاعاتُ اللقاءِ ولحظــاتِ الانتظــارِ
بل اللحظــاتُ التي أتتْ بعدَ الثــانيةِ
والدقيقــةِ بعدَ الســاعاتِ..
ذلكَ الحبُ الــذي تبحثُ عن تفــاصيلهُ الصغـيرةُ
ونظــرةٌ بمعانيِ وتــأويلاتٍ عميقــةٍ كـفواصلِ إرتســمتْ
فأبتسمتْ كلمـةٍ بسيــطةٍ دائمــةٍ مميتـــةٍ ومشــاعرٍ من ورودٍ
الأغصــانُ تفتحتُ تنبضُ شــوارعهاَ بالحبِ ..
فــأعلنتْ رغــمُ الضجيجِ الذي يملأُ المكــانَ بشــكلٍ غيرَ عاديٍ ومتناقضٍ
تدركُ خطــورةَ الأمرِ عبرَ صمتِ الســكونِ..
بكلمةٍ جديرةٍ أن تكونَ جمـــلةٌ متلازمـــةٌ من سياقِ الحـــديثِ محتشـدةٌ
على طرفِ اللســانِ مرفوضُ المفــرداتِ وأراكَ بها
في الفــــراغِ،
في الوجـــوهِ،
وفي الصــورِ.
هل يا ترىَ كانت هواجـــسُ أم تهـويدةُ تعتري الروحُ احتـــواءَ؟
أم كان كمينُ في براعمِ الخــريفِ وضياءُ الفراشـــاتِ؟
لا مســـاحةُ تكفيْ، لتكتفيْ للامتنانْ
قلبٌ عاصفُ وروحٌ تراقبُ النســيم َ
على مشارفِ الغـــروبِ دونَ موعدٍ تنتظرُ للقاء ِباستحياءٍ بينَ الافكاِر
أصبحَ كل شيءٍ في التبــاسِ وآيـــاتِ خشــوعِ
كبدرٌ عندَ منتصفِ الشــهرِ
أيقظتُ روحٍ نائمـــةٍ على ضفةِ التفاصيلِ تبتســمُ،
ورسمتُ اقتباســاتَ الحنينِ تعبُر في كلِ الاتجــاهاتِ على أن تكونَ الدهشــة ِبهيئةِ الدعـــاءِ..
أتـــدريِ؟
أحياناً يأخذنيِ الشـوقُ للبعيدِ البعيدْ،
ولا أدريْ لمـاذا؟
كل الــذي أعلمهُ هو أنني اصبتُ بفيروسِ الحبِ ذلك المرضَ الخبيثَ
الذي لا شفاءَ منه ولا أريدُ الشـــفاءَ
أظـــلْ أخفيكَ في رعشاتِ نبضيِ؛ فهل دفُء نبضي إليكَ قد وصلُ؟
أجعلنيِ نبضاً بينَ الضــلوعِ..
أو شطــراً في بيتِ القصــيدِ..
فأنتَ نبضيِ وكل قصــدي ومفاتيحَ ما اخفــاهُ عقليِ وقلبيِ.
أنت الوطنُ من نــوِر الـــذي يدندنُ ثغــرَ الروحِ.
يضخُ عباراتَ الحبِ حبـاً.. وعشقــاً..
تنــرفزنيِ أحيــــاناً بنبرةِ شبــهِ جــامدةٍ تحشــرهاَ في غير موضِعهاَ
وكلمـــاتٍ تتدافعُ بكلِ الالــوانِ بالحياةِ متعطشةٌ للارتـواءْ من حـرارةِ أنفـاسكَ،
فما ذنبُ جوفَ الوريدِ بالبعدِ والجفـاءِ؟
أنا دونِكَ كالأعمىَ.
اتخبطُ بخطــواتيِ الهــائمةِ يمنى َويسـرىَ بلا شــعورٍ.
لا إلى قــرارٍ ولا إلى اســتقرارٍ..
مستندةٌ على جــداِر التوقعاتِ ضوءَ الشـمسِ اعيشُ بهــا أو أمــوتُ
لأني لا أجيدْ ســوىَ أكـونُ أو لا أكـونْ.
أصفوُ بكلِ جــذورَ حوسيِ التيِ ابتْ أن تثيرَ مشـــاعرهاَ
المتأججةُ إلا بالصــلاةِ ومناجاةٌ في محرابِ بحـــورَ حُبُكَ
تشبهُ الدعــوةُ الصادقةُ النــابعةُ من أدنــى الروحِ التي لا يحجبْ
بينها وبين الإلهِ حجــابً، فالحبُ كالأرزاقُ.
يسـوقه اللهُ على من يشــاءُ يناديني الخيرة فيما يشـاءْ
دونَ موعدٍ يحلقُ بنا
عليا بالبوحِ في صبابةِ اليقينِ.
فحبكَ رزقٌ وأن قضىَ عليه القــدرَ
قضاءُ اللهِ وكفى، وفي أمــرهِ حتماً خيراً.
أنا بكَ القلبُ والروحُ والعينُ.
كـالعبرةِ معضلةٍ حياتيِ تركضُ مهرولــةٌ كـأن شياطينُ الأنسِ والجـنِ تطاردني.
بطــريقةِ لا يشعْر بها أحــدًا غيري..
اقاسمك َأجمــلُ حكايةٌ داعبتْ أوراقَ عطـركَ
العــائدُ منكَ إلى بـــلاديِ.
فواحةُ شــذىَ عبيرهـــاَ قصيدةٌ شـــاعريةٌ من عبقِ زهــرةَ اليـاسمينِ
بلا الــوانٍ، فالــوانُ لا تجملناَ بل تخطفُ أنفـــاسَ الروحِ
قبَل البصِر تدفئُ نبضَ المكانِ
قد أكــونُ لكِ بلا مقيــاسْ التي لا تعنيْ لك شيئــاً، قــد أكـــون لك
كل شـيءٍ، بــل العــالمُ بأكملهِ
لا شيءَ يستحقُ أن يهتَز لأجــلهِ الكــونَ ســوى صراعاتُ
الشـوقِ وشـعوِر الغـيرة التي نفضُ غبـارَ الحنينِ وقتَ شــدةِ الغيابِ،
نحـنُ نستحقُ الحبَ وكثيراً من الدلالِ.
ذلكَ الحبُ الراسـخُ أمـام أمـواجِ تقــلباتِ المزاجِ الصامـدةِ في وجــِه الأعــاصيِر، نتبــادلُ الأغــانيِ وكلِ أســـرارَ المحـبةِ كمعزوفةٍ ســرمديةِ الضــياءِ.
ليس لأنني لا أريــدْ، ولكني أخــافُ قولُهــا وابخــلُ في ردِ عطاءهَا
على أن تكونَ مبلــدة بالذكريـاتِ حين تنسابُ الأحـاديثُ المكبوتةُ تحييِ المشاعرُ بخفةِ الدهشـةِ تغمدُ على مسامعِ الكلمة ” أُحِبُكَ ” من خـلالِ زلاتُ قصائدي.
الحبُ كالخمـِر القــليلُ منه يذهبُ العقــلَ بمجردِ النظرَ إلـى عينيــكَ،
بــل كالخمـرُ كلمـا هبتْ ريحُ نسـائمهِ في القلبِ توهــجه ليزدادَ شوقــاً وحنينــاً، لا يعترفْ بالنهـايةِ ولا يضعفهْ مضيءُ الروحِ.
ومــازالَ حُبُكَ اُترجـمهُ متلبســاً بلحـنِ الحضورِ مــا بينَ مسـافةٍ
الاغتيـالِ وجميلَ الترحيبِ عند انعكاسِ الشمسُ على أشجارِ الخريفِ
بلمعةِ الغروبِ أذيبُ ملوحـــةَ الدمــعِ سـويعاتَ الانتظــارِ من صبـوةِ أثيرَ الضحكةِ كصانعةِ البسمةَ لحظـةَ الفـــارقِ..
حبكَ ذلك الــذي لا يطفئهْ نزاعــاتُ الأيـــامِ ولا يفقْد بريقَ المســافاتِ،
أعظمُ ما به إنكَ تتوســدُ سيمفونيَة كلاسيكيًة ظفرتْ عمقُ الروحِ بصوتِ الفــرحِ والحياةِ.