ذكرى وفاة أبي الغالي
نانسي نبيل فودة
الكاتبة والإعلامية
تعاقبت الأيام والشهور، وذهب عامٌ وأتى آخر، وما زال رحيلك عني يا أبي تاركاً في قلبي الكثير من الحزن.
أتذكرك في كل وقت، كلماتك، نصائحك، دعاءك، ضحكاتك، كنتَ أباً قدوة ومثلاً أعلى، كنتَ نِعم السند، نِعم الرجل الصالح، بذلتَ كلّ ما في وسعكَ حتى نعيش كراماً أعزاء، سِماتك الكرم والودّ والحبّ، رجل لا يخشى أحداً، تتحدث بالحق والعدل، كنت صديقي ومرشدي إلى طريق الاستقامة والأخلاق والصدق، حتى أصبحتُ توأم روحك وأمّاً لأبيها.
يتحدث عنك القريب والغريب بكل الحب وطِيب السيرة والكلمات.
قبل رحيلك، كل ما خشيته عليّ أن تتركني وتذهب وأن أفجع من عدم وجودك، نظرتَ إليّ وأوصيتَ الجميع بي، وكان دعاءك لي هو عزائي الوحيد في هذه الدنيا، والنور الذي ينير طريقي.
وعند رحيلك ياأبي، قلبي ظلّ يعتصر، وكان الدواء هو الدعاء إليك، وأن أسير على طريق استقامتك، وأن أفعل كل ما في وسعي كما أوصيتني.
نظرت إلى أحفادك قبل أن تغادر الدنيا الفانية بابتسامة الرضى، ابتسامة ليست كأي ابتسامة، ونظرت إليهم نظرةً تحمل الكثير من المعاني والجُمل، تلخّصت في جملة قصيرة وهي: عند الفراق لا تنسوني، وكيف يا أبي ننساك وأنت توأم الروح، والصديق الصدوق.
عند ولادتي حملتني على يديك، ووضعتني في أحضانك خوفاً عليّ من عثرات الدنيا وملوثاتها، وعند وفاتك وضعتك على يدي وقلبي ينزف، ودموعي تذرف، إلى أن ضمّك مرقدك الأخير، أرقد بسلام يا فقيد قلبي، إلى الفردوس الأعلى بإذن الله، فلقد زرعت الصالح في دنياك، وستجد بإذن الله نعيم الله في الآخرة، لن أنساك ما حييت حتى ألقاك في جنات النعيم، وكن على يقين دائماً أنك زرعت ابنة صالحة، بارّة بك وبمن تحب، رويتها بجميع معاني البرّ والإحسان، لتلقى جميل ما صنعت يا أبي.