بإدارة عمانية: قصة نجاح منيرة في مشروعها
سالمة هلال الراسبية – كاتبة وباحثة تربوية
مناشدات موجّهة إلى الجهات المختصة لرواد الأعمال:
إننا إذ نُدرك أهمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وقطاع ريادة الأعمال، لا سيما المشاريع التي تقوم على الابتكار والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وتدريب الشباب وتمكينهم، للاستفادة من الفرص التي يتيحها هذا القطاع الحيوي، ليكون لبنةً أساسية في منظومة الاقتصاد الوطني، فإن حكومتنا سوف تعمل على متابعة التقدم في هذهِ الجوانب أولاً بأول”.
كان الخطاب السامي لمولانا السلطان هيثم -حفظه الله ورعاه- في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر للعام 2020م أحد الركائز الأساسية لرؤية 2040، مما أسهم في سعي الحكومة الرشيدة لتوفير البيئة المحفزة، وتذليل التحديات من أجل دعم الشباب العماني للنهوض بمشاريعهم، وتحقيق الإنجازات، والتي تُسهم في تسريع عجلة التنمية، وتعزيز الاقتصاد الوطني.
فانطلق الشباب العماني إلى تأسيس مشاريعهم، وهنالك الكثير منها حمل في طياتها أفكاراً إبداعية غير مسبوقة، وتنوّعا وتكاملا مع محيطه، وإدارة هادفة لتحقيق النجاح والاستمرار فيه.
وكان أحد تلك المشاريع والتي حققت نجاحاً في سنواتها الأولى، وبارقة إنجاز نفتخر به في محافظتي العزيزة، محافظة جنوب الشرقية، هو مشروع لأحد صالونات التجميل، وتحديداً (صالون فينيزيا) بولاية جعلان بني بو علي، لم أدرك وقتها ما يقدمه الصالون من خدمات للعناية والصحة، علمتُ أن مديرة الصالون هي إحدى فتيات ولاية جعلان بني بو حسن، وهي منيرة سعيد المشايخية، خريجة جامعة البريمي، تخصص بصريات، بدأت فكرة مشروعها في عام 2019م، وكان وقت التنفيذ في أواخر سنة 2019م.
ما لفت انتباهي ليس التنوع وجودة الخدمات الممزوجة بالمهارة، والمقدَّمة للنساء اللائي يأتين من أغلب ولايات المحافظة، بل في التنظيم والتفكير الواعد والطموح، الذي يحلّق عالياً بلا حدود لمنيرة، لفت انتباهي أنها ما زالت في العشرين من عمرها، وتقوم بجميع المهام الإدارية من إشراف ومتابعة للموظفات واستقبال العملاء من النساء، مما زاد من الفضول كي أعرف تفاصيل أكثر، وكيف استطاعت أن تستمر، رغم أن مشروعها افتُتح إبّان جائحة كورونا، ومعها توقف العمل وكل الحركة الحياتية في العالم، كما أن المشروع بتمويل ودعم من أسرتها،
فقبل البدء في أيّ مشروع قالت منيرة:
يجب وضع خطة أو استراتيجية له، إلى جانب التجديد المستمر ووقوف صاحب العمل، ووقود كل ذلك هو أن هذا المشروع هو شغفي وهوايتي، وهنا يكمن سرّ الإبداع والاستمرارية.
أدركت منيرة مخاطر المجازفة بمشروعها مبكراً، حيث إن مساحة الصالون ٣٠٠ متر مربع، ويقع في الطابق الأرضي، كما أن عدد الأيدي العاملة فيه 8 موظفات، ما يستدعي مصاريف كثيرة،
لذا قالت:
يجب على صاحب العمل تحمّل نتائج قراره من بعد دراسة السوق من جميع الجوانب، دراسةً دقيقة،
كما أنها تعتبر الخسائر تحديا واختبارا لصاحبها، وما إذا كان معه الرغبة والإرادة في الاستمرارية، حيث كانت أول خسارة هي بداية تدشين المشروع، وذلك عند مرور العالم بجائحة كورونا، كان الحل هو تخفيف المصاريف، وأيضاً كان صاحب المبنى له دور في التعاون بإعفائها من بدل الإيجار “جزاه الله خير الجزاء”، مشكلة الإغلاق وجائحة كورونا عاد لها بالإيجاب من خلال أخذ دورات ومهارات في هذا المجال، مما جعل منها شخصاً يُفكر خارج الصندوق وما زالت تعمل على ذلك.
إحدى القصص التي تعلّمت منها منيرة، خلال عملها في هذا المجال من بعد الجائحة مباشرة، كانت تعمل على تخفيض نسبة المصاريف بشكل جنوني، عندها قامت بشراء منتجات بحدود الألف ريال عماني، عند وصول المنتجات إلى المخزن لاحظت منيرة قبل الاستخدام أن المنتجات غير صالحة للاستعمال بالنسبة لي أنا “فينيزيا“، واضطرت إلى رميها بالكامل.
وعن حكمتها للحصول على الجودة والاستمرارية لنجاح مشروعها قالت:
“إذا كنت تريد المال يجب عليك دفع المال”.
كانت مخاوف منيرة في مشروعها هي بعض القرارات والتي قد تصدر من الجهات المعنية بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة حيث لخصتها في عدة نقاط وهي:
أولاً: بطاقة ريادة الأعمال أحد المخاوف لدى الشاب العماني، حيث إن الشاب العماني لو تمكن من الحصول على هذه البطاقة فسيفقد حقه في التوظيف.
فاقترحت أن يُمنح الباحث عن عمل بطاقة باحث عن عمل إلى جانب فرصة تقدمه إلى أحد الصناديق للحصول على الدعم المادي لإنشاء مشروعه الخاص بعد دراسة الجدوى للمشروع دراسة دقيقة.
ثانياً: الرسوم المفروضة من الجهات الحكومية لاستجلاب العمالة الوافدة ٢٠٠ ريال عماني، هذا في حالة عدم وجود بطاقة ريادة أعمال لدى صاحب العمل، كما أن الدعم المادي من الحكومة مشروط بكفلاء، ومشروط برهن المشروع وعدة شروط معقدة جداً، مما يُفقد صاحب العمل شغفه لفتح مشروعه الخاصّ.
وعن قوانين استجلاب العمالة الوافدة هل ساهمت في زيادة رصيد النجاح لدى منيرة أو العكس؟ قالت:
الإجراءات المتخذة من وزارة العمل في تصريح زيادة الموظفين صعب جداً، وهذا يسبّب عائقاً لرائد الأعمال في زيادة الإنتاج، حيث إنه من ضمن الاشتراطات طلب معرفة المساحة التي يعمل بها المشروع، ما الهدف من المساحة مقارنة بالعمل إذا كان صاحب العمل هو لديه رؤية أن العامل سوف يزيد من رصيد الإنتاج لديه؟
هذا الشرط للأسف عمل على إبطاء تطور رائد العمل.
وكذلك من القوانين التي أدت إلى خسائر في بعض المشاريع للشباب العماني هو حق انتقال العامل من مؤسسة إلى أخرى حتى بدون علم الكفيل.
وعن مناشدة صاحبة المشروع والتي توجهها إلى الجهات المعنية، قالت منيرة:
في الحقيقة نناشد الجهات المعنية مراجعة الاشتراطات والقوانين التي ذكرتها سابقاً، حتى يستطيع العماني النجاح بدون عراقيل، وكذلك تضمن الاستمرارية له.
وتقترح منيرة المشايخية عمل تطبيقات خاصة لتخليص المعاملات الحكومية عن طريق الهاتف لتسهيل وسرعة تخليص المعاملة.
وتفعيل دور الشباب الناجحين في عمل لجان شبابية خاصة لتنمية الشباب المقبلين على فتح مشاريعهم الخاصة وتوعيتهم؛ وذلك لتفادي الخسائر.
في نهاية المقال نتمنى لصاحبة مشروع صالون “فينيزيا” منيرة بنت سعيد المشايخية، التوفيق والاستمرارية كونها تمثل إحدى الفتيات العمانيات الطموحات، واللائي وقفن وبكل فخر بفكر متفرد ومتميز على نجاح مشروعها خطوة بخطوة منذ بدء فكرة المشروع إلى الآن.
وإيصال مناشداتها إلى الجهات المعنية حتى تستمر مسيرتها أكثر، وبقية الشباب العماني من رواد الأعمال للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.