رمضان على الأبواب
يوسف الشكيلي
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}- [البقرة: ١٨٣].
هذا ونحن مقبلون على شهر رمضان المبارك الذي أنزل الله فيه القرآن الكريم، وهو شهر الصيام والقيام وفيه أنزل القرآن بخير ليلة؛ وهي ليلة القدر لما لها من الثواب والأجر العظيم، فمن أدركها فقد فاز بثوابها وعظمتها؛ لذلك على الإنسان أن يكون على استعداد، وأن يجهز نفسه على الطاعة، وأن يترك ما يشغله من أمور الدنيا حتى لا يضيع تلك الأجور الكريمة من المغفرة والرحمة.
فشهر رمضان له خصوصية، وفيه اغتنام كثير من الحسنات؛ فهو شهر تنور به الوجوه وتنعم الأنفس وتنشغل القلوب بذكر الله، فالمجاهد به هو من يفوز بتلك الدرجات العلا لما يقدمه من أفعال عظيمة من الطاعات والعبادة، والانشغال بالصوم، والابتعاد عن كل ما يشغله عن أداء واجب الصوم.
من الواجب على المسلم الاستكثار من الطاعات في العبادات؛ فهو شهر القيام وقراءة القرآن الكريم، فما أحوج النفوس أن تنشغل بما هو ينفع، وأن تتقرب إلى خالقها بالدعاء حتى ننال الثواب العظيم.
اغتنم أخي المسلم بهذا الشهر الفضيل من العبادات التي تؤجر عليها، من قيام الليل وقراءة القرآن الكريم، وفي التدبر والخشوع والمحافظة على الصلوات الخمس في الجماعة، وأن نجعل صومنا طاعة لله فلا نضيع صومنا في السهر واللهو، وأن نتجنب ما يبطل صومنا من الكلام السيئ، باللعن والشتم والصراخ؛ فالصوم ليس الامتناع عن الأكل والشرب بل عن كل المحرمات، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في أواخر الشهر حريصاً كل الحرص والاجتهاد فيه ما لا يجتهد في غيره من العبادات، وذلك لما في أواخر الشهر من فضل عظيم، ففي الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: “كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ”.
نعم، إنها ليلة القدر خير من ألف شهر، وأنزل بها القرآن وذكرت في سورة القدر. يقول تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)}.
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحيي من أواخر الشهر تلك الليالي بالصلاة والقيام وقراءة القرآن والذكر، وغيرها من الطاعات؛ فما أحوجنا أن نكون من الذين يتقبل الله منهم، وأن نكون من الفائزين، فهي ليالٍ وتمر بنا فلا بد أن نغتنمها بالطاعات والعمل الصالح، ونحافظ على الصلاة والقيام وقراءة القرآن والذكر.